تميزت سياسة الدولة العثمانية تجاه المسلمين في العراق عمومًا بالازدواجية، حيث كان موقفها سلبيًا تجاه المسلمين الشيعة، فلم تكن الدولة العثمانية تنظر إليهم بإيجابية، بل لم تعترف بالمذهب الجعفري، على العكس من المذاهب الإسلامية الأخرى في العراق، حيث منحت مفتي بعض المذاهب مقاعد دائمة في مجلس إدارة ولاية بغداد.
وعملت الدولة العثمانية على إبعاد الشيعة في لواء كربلاء عن المناصب الإدارية الكبرى بدءًا من منصب المتصرف وقائممقامي الأقضية ومدراء النواحي، فضلاً عن منعهم من العمل في المؤسسات العسكرية والقضائية، حتى أن مجلس النواب العثماني لم يضم بين أعضائه من شيعة العراق إلا نائبًا واحدًا اختير من كربلاء في عامي ١٩٠٨م، و١٩١٤م. أما بقية المناطق المأهولة بالشيعة وحدهم فقد كانت الحكومة ترشح فيها نوابًا غرباء عنها، ليس بينهم شيعي. وعلى الرغم من صدور الدستور العثماني عام ۱۹۰۸م الذي أعتبر ثورة ديمقراطية ودعوة شاملة للحرية والمساواة بين مواطني الدولة فقد حرم الشيعة أيضًا من حق تمثيل مدنهم.
أمّا المجالس الإدارية في لواء كربلاء واقضيته فقد سمحت الحكومة العثمانية لأهالي اللواء بالاشتراك في تلك المجالس، لأن القوانين العثمانية آنذاك كانت تنص على مشاركة الأهالي فيها، كما أعطت الدولة العثمانية في عام ١٩١٣م لواء كربلاء الحق في التمثيل في المجلس العمومي لولاية بغداد. والجدير بالذكر إن السلطات العثمانية في ولاية بغداد اعتمدت في بعض الأحيان على بعض كبار رجال الدين ووجهاء مدينة كربلاء من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار في المدينة، وكان في مقدمة هؤلاء في عام ١٩١٥م بعض أعضاء مجلس إدارة لواء كربلاء ومنهم السيد قاسم الرشتي، والسيد محسن الصافي، والسيد جواد بن محمد مهدي آل بحر العلوم، والسيد أحمد آل وهاب.
أمّا في مجال القضاء فكان على أهالي لواء كربلاء أن يتقاضوا ويحكم عليهم بما يراه قضاة أحد المذاهب الأخرى بعد أن نقلت السلطات العثمانية مهمة النظر في القضايا من المحاكم الشرعية الشيعية إلى محاكم أخرى رسمية تعتمد أحكام مذهب آخر غير المذهب الشيعي.
المصدر: موسوعة كربلاء الحضارية، المحور التاريخي، قسم التاريخ الحديث والمعاصر، ج7، ص424.