صدر حديثاً عن مركز كربلاء للدراسات والبحوث في العتبة الحسينية المقدسة، كتابٌ جديد يحمل عنوان "الطنافس في خزائن العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية"، من تأليف "أ. م. د. سيماء عطا الله حسين السعدي"، كدراسة نوعية تسلط الضوء على جانبٍ فني وروحي فريد من نوعه لطالما ظلّ بعيداً عن التناول الأكاديمي الشامل.
يركّز هذا الإصدار المميز على الطنافس الفاخرة التي تزدان بها خزائن العتبتين المقدستين في كربلاء، باعتبارها رموزاً فنية وتاريخية لا تقتصر على كونها مفروشات بل هي شهادات بصرية حية على التاريخ الإسلامي والهوية الروحية للأمة، حيث تعكس في زخارفها وألوانها وعراقتها، روح الفن الإسلامي الذي طالما جمع بين الجمال والتقديس.
ويمضي الكتاب إلى أبعد من الجانب البصري الجمالي، ليحلّل سياقات صناعة الطنافس وتطوّرها منذ العصور الأموية والعباسية وحتى العصر الحديث، من خلال رصدٍ دقيق لأشكالها، وتقنياتها، ورموزها، ورسائلها المضمرة، التي تبعث في الزائر شعوراً بالسكينة والتقدير الروحي لجماليات العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية.
يأتي هذا العمل في إطار حرص مركز كربلاء للدراسات والبحوث على توثيق أدق تفاصيل التراث المادي واللامادي لمدينة سيد الشهداء "عليه السلام"، وتعزيز فهم الأبعاد المتعددة للأضرحة الشريفة بوصفها معالم بارزة للعبادة والفن والتاريخ، ودعوة مفتوحة للباحثين للغوص في أعماق هذه المدينة واستكشاف ما لم يُكتب بعد عنها.
وتُعتبر هذه الدراسة امتداداً لمشروع موسوعيّ يعتني بمدينة كربلاء المقدسة من جميع الزوايا، إذ تمكّنت المؤلفة ببراعة من نقل البحث من فضاء المدينة العام إلى خصوصياتها الدقيقة، لتضيف إلى مكتبة الفن الإسلامي، مرجعاً جديداً يربط بين الأرضية الدينية، والإبداع الإنساني، وثراء الهوية.
وبهذا الإنجاز، يتوجه مركز كربلاء بالشكر والتقدير إلى القائمين على هذا المشروع العلمي الرصين، داعياً جميع الأكاديميين والباحثين إلى المساهمة الفاعلة في توثيق الذاكرة الثقافية والدينية لمدينة كربلاء التي بقيت منارةً للبشرية جمعاء رغم محاولات التعتيم والتجهيل التي طالتها على مدى العصور.