8:10:45
قاسم الحائري... شاعر كربلاء الذي بكى الحسين حتى العمى المساجد ومجالس الأدب كمصنع للوعي... أسرار ازدهار الصحافة في كربلاء العمل في فكر الأنبياء "عليهم السلام"... صناعة الإنسان قبل صناعة الحضارة قراءة في كتاب: "الإمام المهدي في القرآن والسنة" سفر من نور في مكتبة مركز كربلاء كتب "الولائيات" بين المبالغة والوهم... مركز كربلاء يقرأ نصوص الطف بعين العقل والمنطق تحت شعار: "بالألوان نرسم الأمل".. مركز كربلاء يحلّ ضيفاً على أول معرض فني بمدرسة عراقية في مدينة قم المقدسة الصبر على المصيبة مصيبة للشامت ... محمد جواد الدمستاني في إصدار علمي جديد... مركز كربلاء يسبر أغوار خزائن العتبات المقدسة الحوزة العلمية في كربلاء... مجدٌ نُقش بأسماء الكبار وتراث عظيم ينتظر من يزيح الغبار عنه هكذا انتصرت أقلام غير المسلمين للدم الحسيني... الوجه الآخر للإستشراق نساء في ظل العصمة... مركز كربلاء يحتفظ بتحفة معرفية فريدة عن زوجات أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في إصدار علمي يجمع بين الترجمة والتحقيق... مركز كربلاء يكشف صورة الإمام الحسين (عليه السلام) في الثقافة الغربية بهدف إقامة حدث علمي نوعي… مركز كربلاء يناقش التحضيرات الخاصة بمؤتمر الأربعين القادم المرجعية الدينية وزيارة الأربعين في صلب الحوار العلمي... كلمة مركز كربلاء تسلّط الضوء على التعايش الإنساني الريح والرطوبة والشمس الحارقة... كربلاء في مواجهة تحديات التصحّر شركاء الإنسان في أمواله ... محمد جواد الدمستاني كربلاء والثورات.. قصة وطن خطّها المجاهدون وألهمها الشعراء العمل بين الجاهلية والإسلام... رحلة إرتقاء من الاحتقار إلى الجهاد العدل عند مذهب أهل البيت عليهم السلام كربلاء.. حيث التقى الزهد بالعلم فأنجبت قوافل العلماء والأدباء
مشاريع المركز / اطلس كربلاء / كربلائيون
02:22 PM | 2025-05-05 262
جانب من تشيع الشهيد زكي غنام
تحميل الصورة

قاسم الحائري... شاعر كربلاء الذي بكى الحسين حتى العمى

 في زوايا الذاكرة الكربلائية، وبين أروقة الأدب الحسيني، يسطع اسمٌ طُبع بالحزن والبديهة، بالارتجال والدموع، الشيخ الأديب "قاسم بن محمد علي بن أحمد الحائري"، المعروف بـ "الهرّ"، أحد أبرز شعراء كربلاء في القرن الثالث عشر الهجري، الذي حوّل مآسي عاشوراء إلى أنغام دامعة، وملأ المجاميع الأدبية المخطوطة بنار الشوق ورماد المصاب.

ولد هذا الطود الحسيني الشامخ عام 1216 هـ في كربلاء المقدسة، وعاش فيها شاعراً فصيحاً، أديباً فاضلاً، سخيّ البيان، ارتجاليّ النظم، حتى لقب بـ "شاعر البديهة"، لكنه أُصيب في أواخر أيامه بالعمى، فكان ظلامه البصري نوراً روحياً استحضر فيه مأساة الطف بشجن مختلف.

لم يكن "الحائري" شاعراً فحسب، بل كان شاهداً روحانياً على كربلاء التاريخ والمأساة، حيث خلّد معشوقه الإمام الحسين "عليه السلام" في مراثٍ حارقة تصف أدق تفاصيل المصاب، من الدم، والخيام، والسيدة زينب، والإمام السجاد، والجواد الصهيل، والرؤوس المرفوعة على الرماح.

وفي واحدة من أعذب مراثيه، يخاطب "الحائري" محاجر عينيه، كأنهما النبع الذي لا ينضب، منشداً:

 

أمحاجرٌ أبكي سيد الشهداء                  نجل النبي وفاطم الزهراء

ما عذرُ يومِ الحشرِ من لم يبكه             بمدامع ممزوجة بدماء

 

ويمضي مناجياً الدم والدمع، حتى تتحوّل القصيدة إلى لوحة دامعة:

 

سحّي الدما عوض الدموع لفتية            بذلوا النفوس السيد الشهداء

لمّا دعاهم للقتال فداؤه                       روحي وقل له عظيم فداء

 

 

ويصل ذروة الألم وهو يصوّر مشهد وداع الإمام الحسين لأخته زينب "عليهما السلام":

 

أسفي له نادى لزينب أخته                  يا أخت قومي قبل وشك فناء

قومي الى التوديع يا ابنة حيدر             لا تجزعي من مفضع الأرزاء

 

لم يكن شعر "الحائري" تكراراً نمطياً لقصائد الرثاء، بل كان مشحوناً بالتصوير الحيّ والمعايشة الروحية، ففي مشهد استشهاد السبط الأصغر "عليه السلام"، يصوّر السهم يخترق قلب الحسين، والنساء تهرع، والجواد يصهل، والرأس يرتفع على القنا، في ساحة سردٍ متوهّجة:

 

فأصابه سهمٌ بلَبّة قلبه                        ليت لفدا قلبي له وحشائي

فهوى صريعاً يستغيثُ من الظما وغدا الجواد يجول في البيداء    

 

رحل الشيخ "قاسم الحائري" في عام 1276هـ، بعد أن سلّم قلمه ودمعه لأرض كربلاء، فمات الأديب الأعمى، لكن كلماته بقيت تنظر من المجاميع المخطوطة إلى كل جيل يأتي ليقرأ، فيبكي، ويستذكر أن الشعر كان وسيبقى شاهداً على ظلامة الحسين.

 

المصدر: النخبة من أدباء كربلاء، نور الدين الشاهرودي، 2005، ص15-16.

Facebook Facebook Twitter Whatsapp