8:10:45
مركز كربلاء للدراسات والبحوث يقيم معرضاً للكتاب في جامعة كربلاء مهنة العطارين في كربلاء: عبق التاريخ وروح المدينة مصادر التجهيز المائي لمدينة كربلاء المقدسة مكتبة مركز كربلاء تثري رصيدها بالمرجع الأبرز في علوم الغذاء والصناعات الحيوانية استمرار الدورة الفقهية في المركز كربلاء عام 2018: دراسة إحصائية تصدر عن مركز كربلاء للدراسات والبحوث شِمَمُ الولاء في النبيّ وآله النُجباء: ديوان شعري جديد يصدر عن المركز محسن أبو طبيخ ..أول متصرف عربي لكربلاء بعد جلاء العثمانيين قرن كامل من العمارة العراقية في موسوعة فريدة توفّرها مكتبة مركز كربلاء للدراسات والبحوث الاتفاق الكربلائية..اول صحيفة عربية غير رسمية في العراق  درس أخلاقي من الإمام الكاظم (ع) في النقد و إبداء الملاحظات ... محمد جواد الدمستاني أقدم طبيب في كربلاء: الدكتور عبد الرزاق عبد الغني الشريفي من جامعة توبنكن الألمانية.. مدير المركز يبحث عدداً من الملفات العلمية مع مركز العلوم الإسلامية انتفاضة حزيران 1915م في كربلاء البرذويل أثر عراقي يشمخ بعناد في صحراء كربلاء ندوة علمية مكتبة مركز كربلاء تُثري رفوفها بمرجع عالمي يفتح آفاقاً جديدة في أبحاث التسويق إن لم يكن عندكم دين و كنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحرارا في دنياكم (ضرورة الرجوع إلى القيّم الحق) ... محمد جواد الدمستاني مساجد كربلاء القديمة...مسجد العطارين متصرفو لواء كربلاء في العهد الملكي..صالح جبر
مشاريع المركز / اطلس كربلاء / محطات كربلائية
04:05 AM | 2020-09-02 512
جانب من تشيع الشهيد زكي غنام
تحميل الصورة

الحلقة التاسعة عشر

 كان الرجل العادي في المجتمع الإسلامي آنذاك يعرف هذا اللون من الرجال، ويعرف لوناً آخر منهم وهم اُولئك الزُّهّاد الدّجّالون الذين يتظاهرون بالزهد رياء ونفاقاً، حتّى إذا تقربوا من الطغاة كانوا لهم أعواناً وأنصاراً، إنّهم هذا الصنف الذي وصفه الإمام علي عليه ‌السلام بقوله:

«ومنهم مَنْ يطلب الدنيا بعمل الآخرة، ولا يطلب الآخرة بعمل الدنيا. قد طامن من شخصه، وقارب من خطوه، وشمّر من ثوبه، وزخرف من نفسه للأمانة، واتّخذ ستر الله ذريعة إلى المعصية».

هؤلاء هم الزعماء الذين كان الرجل العادي يعرفهم وقد اعتادهم وأفهم، بحيث غدا يرى عملهم هذا طبيعياً لا يثير التساؤل.

ولذلك فقد كان غريباً جدّاً على كثير من المسلمين آنذاك أن يروا إنساناً يُخيّر بين حياة رافهة فيها الغنى وفيها المتعة ، وفيها النفوذ والطاعة ، ولكن فيها إلى جانب ذلك كلّه الخضوع لطاغية والإسهام معه في طغيانه ، والمساومة على المبدأ والخيانة ، وبين الموت عطشاً مع قتل الصفوة الخلّص من أصحابه وأولاده ، وإخوته وأهل بيته جميعاً أمامه ، وحيث تنظر إليهم عينه في ساعاتهم الأخيرة وهم يلوبون ظمأ ، وهم يكافحون بضراوة وإصرار عدواً هائلاً يريد لهم الموت أو هذا اللون من الحياة ، ثم يرى مصارعهم واحداً بعد واحد ، وإنّه ليعلم أيّ مصير فاجع محزن ينتظر آله ونساءه من بعده ؛ سبي وتشريد ، ونقل من بلد إلى بلد ، وحرمان ... يعلم ذلك كله ثمّ يختار هذا اللون الرهيب من الموت على هذا اللون الرغيد من الحياة.

لقد كان غريباً جدّاً على هؤلاء أن يروا إنساناً كهذا؛ لقد اعتادوا على زعماء يُمرّغون جباههم في التراب خوفاً من مصير أهون من هذا بكثير، أمثال عمر بن سعد، والأشعث بن قيس ونظائرهما. تعودوا على هؤلاء فكان غريباً عليهم أن يشاهدوا هذا النموذج العملاق من الإنسان، هذا

النموذج الذي يتعالى ويتعالى حتّى ليكاد القائل إن يقول: ما هذا بشر ...

ولقد هزّ هذا اللون من الأخلاق، هذا اللون من السلوك الضميرَ المسلم هزّاً مُتداركاً، وأيقظه من سُباته المرَضي الطويل؛ ليشاهد صفحة جديدة مُشرقة يكتبها الإنسان بدمه في سبيل الشرف والمبدأ، والحياة العارية من الذلّ والعبودية. ولقد كشف له عن زيف الحياة التي يحياها، وعن زيف الزعماء ـ أصنام اللحم ـ الذين يعبدهم، وشق له طريقاً جديداً في العمل، وقدّم له اُسلوباً جديداً في العمل، وقدّم له اُسلوباً جديداً في مُمارسة الحياة، فيه قسوة وفيه حرمان، ولكنّه طريق مُضيء لا طريق غيره جدير بالإنسان.

ولقد غدا هذا اللون المُشرق من الأخلاق، وهذا النموذج الباهر من السلوك خطراً رهيباً على كلّ حاكم يُجافي روح الإسلام في حكمه. إنّ ضمائر الزعماء قليلاً ما تتأثّر بهذه المُثل المضيئة، ولكنّ الذي يتأثّر هي الاُمّة، وهذا هو ما كان يريده الحسين عليه ‌السلام. لقد كان يريد شقّ الطريق للاُمّة المُستعبدة لتناضل عن إنسانيتها.

* * *

وفي جميع مراحل الثورة، منذ بدايتها في المدينة حتّى ختامها الدامي في كربلاء، نلمح التصميم على هذا النمط العالي من السلوك.

ها هو الحسين عليه ‌السلام يقول لأخيه محمد بن الحنفيّة وهما بعد في المدينة:

«يا أخي، والله لو لم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوى لما بايعت يزيد بن معاوية»

وها هو يتمثل بأبيات يزيد بن مفرغ الحميري حين انسلّ من المدينة في جنح الليل إلى مكة:

 

  

لا ذُعرت السّوام في فلقِ الصب
 

 

حِ مُغيراً ولا دُعيت يزيدا
 

يوم أُعطي على المهانةِ ضيماً
 

 

والمنايا ترصدنني أن أحيدا
 

 

تابعونا في الحلقة العشرين

Facebook Facebook Twitter Whatsapp