صعد أهالي كربلاء المقدسة الكرام من أعمالهم النضالية ضد المحتل البريطاني وعقدوا اجتماع كبير في الصحن الحسيني المطهر ألقى فيه الشيخ محسن ابو الحب قصيدة وطنية من نظم الشاعر محمد حسن أبو المحاسن ومطلعها
وثق العراق بزاهر استقباله..........والشعب متفق على استقلاله.
واعقبه عمر العلوان بخطاب حماسي شديد وفي مساء اليوم التالي عقد اجتماع آخر في صحن العباس عليه السلام ألقى فيه الشيخ محمد الخالصي خطابا مثيرا تحدى به الانكليز وكان له دوي في كربلاء.
يقول الشيخ محمد الخالصي: ان الحماس الهب الحضور وكثر البكاء بينهم وعلت الضجة وقطع بعض الرؤساء رباط عقالهم بسيفه ايذانا بأنه مستميت في سبيل الدفاع عن العراق وأنهم مستعدون للحرب عازمون على الموت في سبيل حفظ حقوق العراقيين ان أصر الانكليز على غضبها. ...
استشعرت السلطات المحتلة الخطر الذي يحدق بها نتيجة تحركات ونشاطات الأحرار من أهالي كربلاء الكرام في بث الروح الوطنية والهاب حماس الناس ضد المحتل البريطاني ونشر الآراء المطالبة بالاستقلال فأصدرت اوامرها الى القائد العسكري في الحلة باعتقال ثلة من الوطنيين
ففي 21 حزيران توجه الميجر بولي على رأس قوة كبيرة نحو كربلاء فوصلها مساء وقام بنشر القوة وتوزيعها على مداخل المدينة واشاع عند اهلها أن الغرض من جلب القوة هو القبض على بعض الأشرار كما وأرسل خطابا الى المرجع الشيرازي هذا نصه.
حضرة العلامة المجتهد الأكبر اية الله المرزا محمد تقي الشيرازي دام علاه.
بعد تقديم مراسيم التحية والسلام نعرض لحضرتكم ان قسما من قواتنا قد وردت الى هذه الانحاء لأجل حفظ الأمن والقاء على عدد من الاشرار الذين يقصدون الافساد ونهب الاموال والقاء
الرعب في قلوب الاهلين وان قواتنا هذه لم تتعرض للصلحاء الابرار فنرجو أن تطلعوا على هذه المسألة لكي يرتفع الرعب والاضطراب عنكم وفي الختام نقدم لحضرتكم فائق الاحترام.
حاكم الحلة -الميجر بولي -22 حزيران 1920م
فأرسل الإمام الشيرازي إلى الميجر بولي أن يحضر عنده للتفاوض والتفاهم قبل أن يرتكب أي خطأ ربما يستحيل تلافيه فلم يقبل الحاكم الانكليزي بالتفاوض فكتب إليه الإمام الشيرازي الكتاب التالي:
إلى الحاكم السياسي للحلة الميجر بولي هداه الله
قرأنا كتابكم وتعجبنا غاية العجب من مضمونه حيث أن جلب العساكر لمقابلة الأشخاص المطالبين بحقوقهم المشروعة الضرورية لحياتهم من الأمور غير المعقولة ولا تطابق أصول العدل والمنطق بوجه من الوجوه ويحتمل أن الأشخاص الذين يقصدون الاستفادة من إيجاد الخلاف بين اهالي العراق والإنكليز هم الذين غشوكم لينالوا بواسطة ذلك مقاصدهم وفي الليلة الماضية اردت مقابلتكم لرفع الشك في نفسكم كي لا تغفلوا عن هذه النكتة ولكنكم امتنعتم عن ذلك وان نظريتنا في أمور المملكة اصلح وانفع من سوق الجيوش واستعمال القوة الجبرية وادعوكم عجالة لأبلغكم أن توسلكم بالقوة في قبال مطالب البلاد واستدعاءاتها مخالف للعدل ولإدارة البلاد وإذا امتنعتم عن المجيء في هذه المرة أيضا فستصبح وصيتي للأمة بخصوص مراعاة السلم ملغاة في ذاتها واترك الأمة وشأنها وبهذه الصورة تقع مسؤولية نتائج السوء عليك وعلى اصحابك وفي الختام لي الأمل أن تؤثر فيك هذه النصيحة كي لا يقع ما يفسد النظام والامن ولكي لا تكونوا سبباً لإراقة دماء الابرياء.
محمد تقي الشيرازي -كربلاء 5 شوال 1338
المصدر
على الوردي. لمحات اجتماعية من تاريخ العراق ج5 ص222. محمد حسن آل طعمة. مدينة الحسين ج6 ص59.
على الوردي. لمحات اجتماعية ج5 ص224 و225.