استمرت الحوزة في كربلاء في تطورها الفكري والعلمي، لتزودنا بميراث ثقافي مهم وغني، ليبقى مرتبطاً بعلمائنا متجهاً الى عصرنا الحاضر، وفي الأوقات التي تضطر فيها الحوزة الى الركود، او الضعف والجمود، يتصاعد نشاط بعض العلماء الفاعلين، ليعود الى الحوزة ازدهارها.
ومن أبرز هؤلاء العلماء الشيخ عماد الدين محمد الطوسي المعروف بابن حمزة (ت:506هـ/1112م) أو أبو جعفر الثاني، الذي استطاع جمع الطلبة وعشاق العلم والفضيلة، الى الحوزة العلمية بتحقيقاته العميقة، ومهارته العلمية، الى جانب تدريسه المتين، وله آثار عدة منها (كتاب الوسيلة: وهو أحد الكتب الفقهية المشهورة، وقد ضمنه جميع أبواب الفقه، وهو من أحسن متون الفقه ترتيباً وتهذيباً).
وسَّعت الحوزة العلمية في كربلاء فعاليتها في القرن السابع الهجري من خلال زعامة آل معد الحائري ومن جملة أولئك الذين بلغوا مقام المرجعية العظمى هو السيد شمس الدين أبو علي فخار بن معد الحائري (ت:630هـ/1233م) صاحب كتاب الحجة على الذاهب الى تكفير أبي طالب، قام بتدريس الكثير من الطلبة منهم: ابنه السيد جلال الدين عبد الحميد بن فخار الموسوي الحائري (ت:684هـ/1285م).
ارتقت حوزة كربلاء العلمية الى مصاف الحوزات الدينية الكبرى في العالم بوصول ابن فهد الحلي اليها، الذي أسس مدرسة علمية تولت فيها كربلاء زعامة الفكر الامامي طيلة وجوده فيها حتى سنة وفاته (841هـ/ 1437م)، بل إنها استمرت بعده لقرنين متتالين تقريباً، ومن مصنفاته في الفقه التي ألفها في كربلاء (المهذب البارع في الشرع النافع) وله قبر معروف مزاره في كربلاء حتى الان.
المصدر/ موسوعة كربلاء الحضارية، المحور التاريخي/قسم التاريخ الحديث والمعاصر، ج4، ص63-.66