بعد اعلان مركز كربلاء للدراسات والبحوث في العتبة الحسينية المقدسة بتاريخ (23/7/2017م) عن اعداد خطة شاملة لتوثيق الحرف والمهن الكربلائية، تم تخصيص جزء في موسوعة كربلاء الحضارية عن هذه الحرف والمهن وهو المحور الاجتماعي الذي صدر بتاريخ (7/11/2019) بجزئيين تطرق الى عدة حرف ومهن أبرزها صناعة التربة الحسينية التي وصفها الرحالة الأجانب خلال زيارتهم الى مشاهد الحسين عليه السلام.
تميزت مدينة كربلاء بصناعة خاصة لا تكاد تمارس في باقي المدن العراقية وهي الترب وهي عبارة عن قطعة من الفخار واخذ ترابها من ارض كربلاء، وجعلت على صورة مستديرة او مربعة او مستطيلة، لا يتعدى طولها وعرضها (3سم) نقش عليها بعض الآيات القرآنية.
ولبيوتات كربلاء باع طويل في صناعة الترب ومنهم "بيت التربجي"، إذ يرجع نسبهم الى السيد عبيد الله الأعرج بن الحسين الأصغر بن الامام علي زين العابدين بن الامام الحسين (ع)، وقد تركوا مهنة صناعة الترب منذ زمن، الا ان هذه الظاهرة قد تحولت فيها صناعة الترب من النظام الوراثي الى طبقة من الناس الفقراء كونها من الصناعات البدائية البسيطة التي تدر أرباحاً مستمرة.
جاء وصف صناعة الترب في مدينة كربلاء من قبل الرحالة الالماني (كارستون نيبور) مكتشف وعالم الخرائط، الذي زارها بتاريخ (27/كانون الأول/ 1765م) قائلاً "يشتد الاقبال بصورة تدعو الى العجب على الطرات (الترب) والمسابح المصنوعة من المكيل وذلك لسرعة تأكلها نتيجة لكثرة استعمالها وهي تصنع من معامل في مشهد الحسين (ع) يعود لإحدى العوائل منذ عدة سنوات... غير انه عليها ان تدفع مقابل هذا الامتياز مبلغاً مهماً سنوياً الى باشا بغداد".
وذكر الباحث البريطاني (دوايت دونالدسون) سنة (1347 للهجرة)، وكتب بعد تجواله في كربلاء، فقال عن التربة الحسنية "انها كانت وماتزال تلفت نظر الكثيرين من الغربيين وغيرهم حين يزورون كربلاء في سوق كربلاء عدة دكاكين فيها المئات من الترب، وقيل ان التربة لا تصح بيعها لان أحد الائمة (ع) كان قد قال بان بيع التربة التي تقدست بدم الحسين الشهيد (ع) كمن يبيع اللحم المجثث من جسمه".
المصدر/ موسوعة كربلاء الحضارية، المحور الاجتماعي، ج1، ص93-96