بعد إندلاع انتفاضة الشعب العراقي في تشرين سنة 1952م ضد حكومة نور الدين محمود العسكرية التي أعلنت الأحكام العرفية في البلاد فور تسلمها الحكم، فقد كان لمدينة كربلاء المقدسة دورها البارز في أحداث هذه الانتفاضة.
انطلقت بواكير انتفاضة الكربلائيين من ثانوية كربلاء للبنين، فاعترضها حرس دار المتصرف، وكان الجيش يتخذ له مواقع في الشوارع الرئيسية وفي مداخلها، إلا أن المتظاهرين استطاعوا حينها أن يكسبوا أفراد الجيش إلى جانبهم، لتقوم السلطة بزج قوات من الشرطة لضرب المتظاهرين، فما كان من المتظاهرين المتدفقين إلى ساحة "علي الأكبر"، إلا أنهم اخترقوا سياج الشرطة المضروب حولهم وأحرقوا في وسط الساحة سيارة (جيب) محملة بالأعتدة والذخيرة والتجهيزات الخاصة بالشرطة.
وهنا أخذت الشرطة تضرب المتظاهرين بعنف، مما أصيب بعضهم بطلقات نارية. ومع ذلك فإن المتظاهرين أبدوا بسالة متناهية، وعندها تم تعزيز القوات المسلحة المتواجدة بالمدينة بقوات إضافية مكثفة جيء بها من بغداد، واستطاعوا بشكل أو بآخر السيطرة على المدينة.
يذكر أن السلطة كانت قد أمرت آنذاك بأن تتخذ شرطتها أماكن لها في مداخل الصحنين الشريفين وفي سوريّهما، إلا أن سادن الروضة العباسية رفض أن تكون الروضة المقدسة مقراً لهم في تقتيل أبناء الشعب، لتقوم قوى الأمن في المساء بإعتقال عدد كبير من الشبان وقادة المظاهرة، وبفعل الضغط الجماهيري قدّمت حكومة نور الدين محمود استقالتها والغيت الأحكام العرفية وعادت الأوضاع الطبيعية إلى مجراها.
المصدر/ تراث كربلاء ، سلمان هادي آل طعمة، ط2، ص406-407