لم تزل كربلاء بين صعود وهبوط ورقي وانحطاط، تارة تنحط فتخضع لدول الطوائف وطورا، تعمر متقدمة بعض التقدم الى ان دخلت في حوزة الدولة العثمانية سنة 914هـ، وأخذت تتنفس الصعداء مما أصابها من نكبات الزمان وحوادث الدهر التي كادت تقضي عليها.
بقيت كربلاء مطمئنة البال مدة طويلة تزيد عن ثلاث قرون، ولم تر خلالها ما يكدر صفو سكانها حتى مفتتح القرن الثالث عشر الهجري هذا حال كربلاء عشية سيطرة العثمانيين الذين عمدوا الى تبني نظام اداري يتبع نظام الولايات التي تنقسم بدورها الى مجموعة من السناجق (الالوية) مجتمعة تحت سلطة الوالي الذي يُعين في اغلب الاحين من عاصمة الدولة العثمانية.
من خلال التقسيمات الإدارية يظهر لنا بأن مدينة كربلاء بداية القرن السابع عشر كانت عبارة عن قصبة صغيرة تحيط بالحائر الحسيني تحتوي على مجموعة من الخانات التي تؤوي الزائرين، ومجموعة من الاحياء السكنية التي تضم سكاناً من مختلف الأعراق جذبهم طابع المدينة الروحي والتجاري.
كانت اغلب أراضي كربلاء زراعية وصحراوية في الأطراف، وكان لنهر الحسينية فضل كبير في انتعاش المنطقة الزراعية قرب المدينة القديمة وما جاورها من أراضي الا ان هذا الحال لم يستمر طويلاً.
نتيجة للإهمال المتكرر لولاة بغداد لأوضاع المدينة والمدن الأخرى ورغبتهم في جمع الأموال والمحافظة على سلطتهم، مما إثر بصورة كبيرة على الأوضاع الخدمية والاقتصادية التي أصبحت في حال يرثى لها، لا سيما مع وصول عدد من الولاة غير الكفؤين الى ولاية بغداد بين المدة (1640-1704م)
المصدر/ موسوعة كربلاء الحضارية، المحور التاريخي- قسم التاريخ الحديث والمعاصر، ج2، ص85-89