تتفاخر دول العالم المختلفة فيما بينها بإرثها وتراثها الحضاري المميز والذي تبرز المهن والحرف اليدوية القديمة كأحد أبرز الأمثلة على ذلك، فماذا امتلك العراق ومدينة كربلاء المقدسة على وجه الخصوص في هذا المجال؟.
وصف المؤرخ والرحالة "عمانوئيل فتح الله" مدينة كربلاء المقدسة بُعيد زيارته لها سنة (1329هـ/1911م) بأنها "قسمان: جديدة وقديمة، فكانت الجديدة ذات ثروات واسعة، وتجارة نافقة، وزراعة متقدمة، وصناعتها شهيرة ورائجة، حتى أن بعض الصنّاع فيها يفوقون مهرة صناع بغداد بكثير، لا سيما في الوشي "النسيج الملوّن"، والتطريز، والحفر على المعادن، والتصوير والخط، والصياغة والترصيع، والنقش على الخشب بأشكال ورسوم هندسية بديعة ذات طرازات عربية وهندية وفارسية".
ومما ذكره "فتح الله" في مدوناته أن الحِرَف التي يمتهنها أهالي كربلاء تتغير أحياناً بحسب ظروف المناخ والزمان، حيث تزدهر في بعض شهور فصل الصيف مهنتا بيع الماء والعمل في الآبار نظراً لإنحسار مستوى مياه نهر الحسينية بسبب الحر القائظ الذي كان يصيب المدينة في هذه الفترة من السنة (1).
(1) موسوعة كربلاء الحضارية، سلسلة منشورات مركز كربلاء للدراسات والبحوث، ج3، ص77.