بعد إعلان العديد من كبريات دول العالم "المتحضر" عجزها عن الوقوف الوقوف بوجه الإنتشار السريع والخطير لفيروس "كورونا" وإندلاع حالة من الذعر والخوف بين مواطنيها، يبرز في العراق المثقل بهموم الحروب المتتالية والفساد المستشري، المنقذ الحقيقي لأبنائه عند كل نازلة.
هذا المنقذ المنتظر لم يكن سوى مجموعات من المواطنين البسطاء المجتمعين على حب إبن بنت نبيهم أبا عبد الله الحسين "عليه السلام" ليضعوا إمكانياتهم المادية البسيطة وإيمانهم الذي لا يضاهيه نظير، في خدمة إخوانهم بالدين ونظرائهم بالخلق كما أوصاهم به وصي رسول الله وخليفته من بعده علي بن أبي طالب "عليه السلام"، على شكل مواكب حسينية خدمية بغية الوقوف بوجه الأخطار المحدقة ببلد المقدسات وأهله الكرام.
وكما كان لهذه المواكب من مواقف مشرّفة في تلبية نداء المرجعية الرشيدة "أدامها الله" بفتوى الجهاد الكفائي لدرء خطر الإرهاب التكفيري المحيق بالبلاد، فقد عادت مرة أخرى ملبيةً لنداء مرجعيتهم بفتوى التكافل الاجتماعي لتواجه خطراً لا يقل فتكاً عن الخطر السابق، متمثلاً بفيروس مرض "كورونا" الذي لم يهدد صحة وحياة العراقيين فحسب، وإنما تعداه لينذر بقطع سبل أرزاقهم بفعل إغلاق الأسواق والمدن منعاً لإنتشار خطره المميت نحو ما لا يُحمَد عقباه.
وبمقارنة بسيطة لما حدث في الغرب بين مسؤول يدعو مواطنيه للتهيؤ لفراق الأحبة، وآخر يتنبأ بعدة سنوات عجاف حتى القضاء على هذه الأزمة، وبين ما فعله أبناء الحسين "عليه السلام" عبر الوقوف كالجسد الواحد إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى، تظهر حينها معادن الثقافة الحقّة ومعاني السخاء الأصيل عبر صور سيسجلها التاريخ بأحرف من نور.