8:10:45
كربلاء مدرسة العلماء... الشيخ الخازن أنموذج الفقيه الأديب المحقق من كربلاء إلى الكوفة، والخازر، فعين الوردة... حكاية السيوف التي انتقمت لدم الحسين "عليه السلام" تهنئة  استمرار الدورة الفقهية في مركز كربلاء للدراسات والبحوث من النواويس إلى الحائر... رحلة الأرض التي احتضنت الإمامة والشهادة اهل البيت عليهم السلام: منزلتهم و مبادئهم هلاك الاستبداد و نجاة التشاور ... محمد جواد الدمستاني موقف شهداء الطفّ... حين ارتفعت قيم الكرامة فوق رايات النفاق في مكتبة مركز كربلاء... المرجع الأهم للنجاح في إختبار التوفل الدولي مدينة الحسين "عليه السلام" في الأرشيف العثماني... ملامح سياسية واقتصادية يكشفها مركز كربلاء للدراسات والبحوث أسرار تحت أقدام الزائرين... ماذا تخبئ تربة كربلاء من كنوز زراعية وتاريخية؟ قاسم الحائري... شاعر كربلاء الذي بكى الحسين حتى العمى المساجد ومجالس الأدب كمصنع للوعي... أسرار ازدهار الصحافة في كربلاء العمل في فكر الأنبياء "عليهم السلام"... صناعة الإنسان قبل صناعة الحضارة قراءة في كتاب: "الإمام المهدي في القرآن والسنة" سفر من نور في مكتبة مركز كربلاء كتب "الولائيات" بين المبالغة والوهم... مركز كربلاء يقرأ نصوص الطف بعين العقل والمنطق تحت شعار: "بالألوان نرسم الأمل".. مركز كربلاء يحلّ ضيفاً على أول معرض فني بمدرسة عراقية في مدينة قم المقدسة الصبر على المصيبة مصيبة للشامت ... محمد جواد الدمستاني في إصدار علمي جديد... مركز كربلاء يسبر أغوار خزائن العتبات المقدسة الحوزة العلمية في كربلاء... مجدٌ نُقش بأسماء الكبار وتراث عظيم ينتظر من يزيح الغبار عنه
اخبار عامة / أقلام الباحثين
04:20 AM | 2023-07-27 1770
جانب من تشيع الشهيد زكي غنام
تحميل الصورة

أصحاب الإمام الحسين (عليه السلام) بين الحقيقة والتشكيك.. شبهات وردود ..الحلقة السابعة

لا شكّ أنّ التاريخ يكتبه المنتصر، ومن بيده زمام الأمور، فلو كان مع الإمام الحسين عليه السلام الأعداد التي يزعمون؛ لاتخذتها الطغمة الأمويّة الفاسدة، ذريعة للتنصل من جريمتها، وادعت أنّ الإمام الحسين عليه السلام جاءها بجيش عرمرم، فلم يسعها إلّا الدفاع عن شرعيّة السلطة من هذا الزحف.

يبدو أنّ المشككين لم يدركوا فلسفة النهضة الحسينيّة أصلًا، ومدى الإيمان الراسخ والعقيدة المطلقة بحتمية الدفاع عن شريعة سيّد المرسلين خلف راية قائدهم الحسين عليه السلام.

  1. قال المقرّم: أبى أولئك الصفوة إلّا مواساته ونصرته " الإمام الحسين عليه السلام " فلا الجبن يطرق ساحتهم ولا الإنكسار يبين في مجاليهم لأنّ ذلك شأن الآيس من غايته، والقوم كانوا على يقين من الظفر بالأمنية، كما تنمّ عنه كلماتهم التي أجابوا الحسين عليه السلام بها لـمّا أنبأهم ـ ليلة عاشوراء ـ بحراجة الموقف، و رفع عنهم البيعة، وخلّى لهم السبيل، فقالوا: الحمد لله الذي شرّفنا بالقتل معك. ولو كانت الدنيا باقية، وكنّا فيها مخلَّدين؛ لآثرنا النهوض معك على الإقامة فيها. فوجدهم عليه السلام متفانين في الجهاد معه، والذبِّ عن قدس الشريعة؛ وتلا على الملأ سطرًا من صحيفتهم البيضاء بقوله: أمّا بعد: فإنّي لا أعلم أصحابا أوفى ولا خيرًا من أصحابي، ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي فجزاكم الله عنّي خيرا.
  2. وقد شهد لشجاعتهم وبسالتهم وصدق نواياهم العدو قبل الصديق فها هو عمرو بن الحجّاج يصرخ على أصحابه: يا حمقى أتدرون من تقاتلون فرسان المصر، قومًا مستميتين لا يبرزنّ لهم منكم أحد فإنّهم قليل، وقلّ ما يبقون، والله لو لم ترموهم إلّا بالحجارة لقتلتموهم.
  3. وهذا ابن أبي الحديد ينقل لنا حكاية رجل شهد الطفّ مع عمر بن سعد قال له: «ويحك ! أقتلتم ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله! فقال: عضضت بالجندل، إنّك لو شهدت ما شهدنا لفعلت ما فعلنا، ثارت علينا عصابة، أيديها في مقابض سيوفها كالأسود الضارية تحطّم الفرسان يمينًا وشمالًا، وتلقي أنفسها على الموت، لا تقبل الأمان، ولا ترغب في المال، ولا يحول حائل بينها وبين الورود على حياض المنية، أو الاستيلاء على الملك، فلو كففنا عنها رويدًا لأتت على نفوس العسكر بحذافيرها، فما كنا فاعلين، لا أمّ لك!».
  4. هل من العقل والمنطق أن نقارن بمن نذر نفسه للموت وأجابوا إمامهم، وقالوا له: «يا ابن رسول الله، فما يقول الناس لنا؟ وماذا نقول لهم؟ إنّا تركنا شيخنا وكبيرنا وابن بنت نبيّنا، لم نرم معه بسهمٍ، ولم نطعن معه برمحٍ، ولم نضرب بسيفٍ، لا والله يا ابن رسول الله لا نفارقك أبدًا، ولكنّا نقيك بأنفسنا حتى نقتل بين يديك ونرد موردك، فقبّح الله العيش بعدك؛ ثمّ قام مسلم بن عوسجة وقال: نحن نخليك هكذا وننصرف عنك، وقد أحاط بك هذا العدو ؟!

لا والله لا يراني الله أبدا وأنا أفعل ذلك، حتى أكسر في صدور هم رمحي، وأضاربهم بسيفي ما ثبت قائمه بيدي، ولو لم يكن لي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة ولم أفارقك، أو أموت معك. قال: وقام سعيد بن عبد الله الحنفيّ فقال: لا والله يا ابن رسول الله لا نخلّيك أبدًا حتى يعلم الله أنّا قد حفظنا فيك وصية رسوله محمّد صلّى الله عليه وآله وسلم ولو علمت إنّي أقتل فيك ثمّ أحيى ثمّ أذرى يفعل ذلك بي سبعين مرّة ما فارقتك، حتى ألقى حمامي دونك، وكيف لا أفعل ذلك وإنّما هي قتلة واحدة ثم أنال الكرامة التي لا انقضاء لها أبدا؛ ثمّ قام زهير بن القين وقال: والله يا ابن رسول الله لوددت إنّي قتلت ثمّ نشرت ألف مرّة وإن الله تعالى قد دفع القتل عنك وعن هؤلاء الفتية من إخوانك وولدك وأهل بيتك.

وتكلّم جماعة من أصحابه بنحو ذلك، وقالوا: أنفسنا لك الفداء، نقيك بأيدينا ووجوهنا، فإذا نحن قُتلنا بين يديك نكون قد وفينا لربّنا وقضينا ما علينا».

كلّ هذا كان بمواجهة معسكر تكوّنت عناصره من (المنافقين والانتهازيين والمرتزقة وأصحاب الأطماع والمكرهين) ، وكلّ هؤلاء لا يؤمنون بعدالة قضيتهم وبالمهمّة التي جاءوا من أجلها فهذا عمر بن سعد قائد الجيش الأموي دفعته المطامع لحرب الحسين فكان يحلم بولاية الري التي لم ينالها، إذ انحصرت أهدافه وغاياته بالأمور الدنيويّة الماديّة ولم يتمكن من تسجيل أي موقف نبيل، وكان مدركًا تمام الإدراك أن قتله للحسين يرديه النار لمعرفته ودرايته التامّة بمكانة الإمام الحسين عليه السلام.

إملأ ركابي فضة وذهبا

 

إنّي قتلت السيّد المحجّبا

قتلت خير الناس أمًّا وأبا

 

وخيرهم إذ ينسبون نسبا

 

فمن المسلّمات الحتميّة أنّ مثل هؤلاء الخونة ضرب الله على قلوبهم بالرعب وانتابتهم الانهزامية من الداخل فكانوا غير قادرين على المواجهة.

ثالثاً: شواهد معاصرة

انتفاضة صفر عام 1397هـ/1977م التي قام بها ثلّة من المؤمنين الرساليين؛ لمواجهة الإجراءات التعسّفيّة الظالمة التي كان يمارسها النظام البعثيّ الغاشم من خلال إصداره الأوامر بمنع مسيرات المشاة المتوجهة إلى كربلاء أيّام زيارة الأربعين المباركة، ولم تمتثل لهذه الأوامر ثلّة من السائرين على نهج سيّد الشهداء عليه السلام ، فما كان من النظام البعثيّ الا مواجهتهم بفرقٍ من الجيش من أصناف المشاة والدروع وغيرها من باقي الصنوف المسلّحة فضلًا عن مهاجمتهم بالطائرات الحربيّة والمروحية، كلّ هذه الإجراءات الحربيّة جرت في منطقة (خان النخيلة) ضد اُناس عُزِل لا يمتلكون أيَّ سلاح سوى حب الحسين عليه السلام ، وسلاحهم الوحيد الشعارات الحسينيّة وعندما فتحت عليهم النيران استشهد عدد منهم وسقط آخرون جرحى عندها أخذت الجموع بالهتاف (شلون سلطة يا علي بالرشاش ترمينا).

في 8 صفر 1413هـ الموافق 8/أب/1992م، أعلن عن إرتحال مرجع الطائفة وزعيم الحوزة العلميّة في النجف الأشرف السيّد أبو القاسم الخوئي رحمه الله فما كان من النظام الصدّاميّ البغيض أن اعلن الإنذار (ج) واستنفر الجيش والقوات المسلّحة بصنوفها كافة والتي يقدر عددها آنذاك آلاف مؤلفة تصل لأكثر من (مليون) مجنّد حسب إحصاءات وزارة الدفاع العراقية في حينها، فضلًا عن تشكيلات المرتزقة مثل مايسمى (بالجيش الشعبيّ وجيش القدس والفدائيين) وغيرهم من التشكيلات الإجراميّة، كما منعوا إجراءات مراسيم التشييع واعلنوا حظر التجوال في محافظات الوسط والجنوب.

أقول: كل هذه الملايين سخّرت واستنفرت من أجل منع تشييع جنازة فلا نستغرب من أن ابن زياد حشّد (30) ألفًا أمام (72) قلوبهم كزبر الحديد.

الملاحظ ان الماكنة الإعلامية الأموية بذلت كل ما بوسعها واجتهدت أشد الاجتهاد وسخرت كل طاقاتها البشرية والمادية في سبيل تضليل الناس وايهامهم وصرف انظارهم لأخلاء مسؤولية يزيد بن معاوية عن تورطه بمقتل سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه السلام ، غير أنها لم تتطرق مطلقاً الى عدد أصحاب الإمام الحسين عليه السلام بالكثرة مما يعطينا دلالة واضحة أنّ الروايات الواردة بصدد أعداد أصحابه على الرغم من اختلافها الا أنها متقاربة في حقيقتها.

 

الأستاذ عبد الأمير القرشي

باحث إسلامي

Facebook Facebook Twitter Whatsapp