نشرت صحيفة "ماردين لايف Mardin Life" التركية، مقالاً مفصّلاً تضمّن قراءةً أدبيةً لأحد أشهر الكتب الصادرة في بلادها عن موقعة كربلاء الخالدة، وإستشهاد سبط رسول الله، الإمام الحسين بن علي "صلوات الله عليهم أجمعين".
وقالت الصحيفة في مقالها، إن كتاب "الظالم والمظلوم وكربلاء" للروائي والكاتب التركي الرحل "بكير يلديز" الذي وصفته بـ "أحد أساتذة الأدب التركي"، قد شرح ما سمّاه الكاتب بـ "الألم المستمر لقرون" جراء حادثة عاشوراء الأليمة.
وتابع المقال نقلاً عن أحد نصوص الكتاب، سردها لأحد مشاهد الموقعة، بالقول، إنه "بالرغم من طعن جسد الإمام (عليه السلام) بثلاثة وثلاثين رمحاً، وضربه بأربع وثلاثين ضربة سيف، إلا أنه لم يزل يكافح من أجل الوقوف على قدميه، في حين كان دمه يتدفق مثل الماء على الرمال التي سقط عليها"، مبيناً أنه "في ذلك الوقت، إستاءت الشمس ودخلت في السحاب، فيما سُمِع من بعيد صوت الطنين الأول لعاصفة مستعرة".
وأشارت الصحيفة التركية الى أن "رواية (بكير) هي أيضاً بيان لكيفية تحوّل معاوية وإبنه يزيد تدريجياً الى مثال للقوة الغاشمة وللقمع، والظلم، والجشع تجاه السلطة، وتنامي الكذب والاستخفاف بالناس الى ما يشبه بالنظام المؤسسي" حسبما وصفة به الكاتب التركي الشهير "عدنان بينيازر".
وإستشهدت الصحيفة في سياق المقال، بمجموعة من الإقتباسات الواردة في صفحات الكتاب عن الأمثلة القيّمة التي ضربتها كربلاء آنذاك، ومنها "كن أنت، ولا تسجد للظالم، فإذا تقاتل الظالم والمظلوم، فكن دائماً إلى جانب معسكر المظلومين، حيث تمرّ الحياة بأسرع من البرق، ولكنها لمن هم إلى جانب المظلوم، تبقى نوراً لا ينطفئ، ويكون هو حارس قبورهم"، و"إذا اعتاد الناس على الركوع أمام كل من يطلب البيعة، فأين الإيمان، وأين الشرف والعزة؟"، و"بالنسبة للبعض ممن لا يرضخون ليزيد وذريته، فإن الينابيع تجف، لكن مياه الجبل لا تنفد، وبالنسبة للدم المتدفق على الرمال، فستحمله عواصف الصحراء الى أركان العالم الأربعة".
وبيّن كاتب المقال أنه "لا يعتقد أن هذا العمل، الذي تم تضمينه في الأدب كرواية، لا يتمتع بخصائص الرواية، لكونه يتعامل مع مأساة في تاريخ الإسلام، كحدث، دون تشتيت أو إدراج لأفكار المؤلف الشخصية، أو إستخدام لأي عنصر في تكوين خيال معين، فمن الممكن رؤية آثار هذه المأساة في العديد من الأعمال الفنية كالتاريخ والأدب والموسيقى والسينما والمسرح والمنمنمات (اللوحات الفنية) التي تم تقديمها منذ ذلك الحين، فيما تتوافر العديد من الأمثلة في هذا الاتجاه، حيث كتب فيه شعراء محليين مثل ضياء باشا ، وفضولي ، وروحي بغدادي، وإيديب حرابي، وسياح ديدي، وسيد فايزي، وعثمان شيمس أفندي، وموشتك بابا، وليلى هانم، وبير سلطان، ويونس إمري، وأشك فيسيل، وهي أعمال أعربت بالمجمل عن أهمية الحدث والمجازر التي رافقته".
وأكّدت صحيفة "ماردين لايف"، في ختام مقالها، إن "هذا الكتاب يعدّ دليلاً فريداً لمن لم يقرأ قدراً كبيراً من الكتب عن مذبحة كربلاء، أو قام بأبحاث عنها، حيث عبّر (بكير يلدز) عن التسلسل الزمني وأسماء الأشخاص المشاركين في الأحداث وتفاصيل المأساة بلغة واضحة وطليقة بإعتبارها من أقوى معاقل أدبنا الاشتراكي الواقعي، وبوصفها أيضاً (الجرح النازف للعالم الإسلامي منذ قرون)".