في مدينة كربلاء، حيث يمتزج التاريخ بالعقيدة الحقة، والأصالة بالخدمة الحسينية، تبرز أسماء عوائل عريقة نسجت على مرّ الزمن خيوط مجدها الروحي والاجتماعي في خدمة الحائر الحسيني، ومن بين هذه الأسر، تبرز أسرة "آل أصلان، التي حفرت اسمها في سجلّ كربلاء العريق، نسباً وشرفاً وخدمة.
تنتسب عائلة "آل أصلان" إلى الدوحة الصفوية المباركة، وتحديداً إلى السيد الحمزة بن الإمام موسى الكاظم "عليه السلام"، ويُعدّ السيد "جعفر السيد أصلان الصفوي الموسوي" الجدّ المؤسس للأسرة، والذي هاجر إلى كربلاء المقدسة واستوطنها لمجاورة سبط النبي الاكرم "صلوات الله عليهما".
وكان السيد جعفر من أوائل من امتهنوا الكتابة على الأكفان، وهي مهنة ذات طابع ديني وروحي عميق، حتى عُرف بـ "كفن نويس" (أي كاتب الأكفان)، وكان أول من دخل من الأسرة في سلك خدمة الروضة الحسينية الشريفة، وقد أُوكلت إليه سنة 1265هـ مهمة إنارة الروضة المباركة، وهي مسؤولية دينية واجتماعية كبرى تدل على عظيم الثقة التي حظي بها.
تؤرخ بعض الوثائق بخط يده، ومنها استشهاد مؤرَّخ سنة 1250هـ، ووثيقة أخرى سنة 1260هـ، كما وُجد ختم السيد "علي السيد أصلان" على وثيقة تعود للسادة "آل نصر الله" بتاريخ 19 جمادى الأولى سنة 1275هـ، مما يدل على عمق حضورهم الاجتماعي في محيط السادة والأعيان.
ولم تتوقف بصمات الأسرة عند حدود التاريخ، بل امتدت إلى الحاضر، حيث برز منها السيد "إبراهيم بن السيد جعفر بن إبراهيم بن جعفر بن أصلان الصفوي"، حامل "الفرمان الأسري"، والسيد "نوري بن أصلان"، الذي تولى إدارة عدد من المدارس الإعدادية والمتوسطة، ثم عُيّن مشرفاً تربوياً، فضلاً عن السيد "محمود أصلان"، الرئيس الأسبق لغرفة تجارة كربلاء، وغيرهم.
تُمثل عائلة آل أصلان نموذجاً نادراً في الجمع بين الانتماء النَسبي لأهل البيت "عليهم السلام"، والخدمة الحسينية العملية، والانخراط النشط في بناء المجتمع الكربلائي علمياً وتجارياً، فهي قصة تراث يفيض وفاءً، ومجدٍ يُروى عبر الأجيال.
المصدر: سلمان هادي طعمة، عشائر كربلاء وأسرها، دار المحجة البيضاء، 1998، ص16-17.