في مدينة كربلاء، حيث يتنفس التاريخ عبق الطهر والقداسة، تبرز أسماء أسر عريقة شكّلت ملامح الحياة الدينية والاجتماعية والسياسية، ومن بينها أسرة "آل الأشيقر"، إحدى أبرز السلالات العلوية التي امتدت بجذورها من الكاظمية إلى كربلاء منذ القرن العاشر الهجري، حاملةً إرثاً شامخاً في النسب والمقام.
ينتمي آل الأشيقر إلى سلالة الإمام موسى بن جعفر الكاظم "عليه السلام"، عبر سلسلة نسب جليلة تضم أعلاماً في العلم والتقوى، وقد عرف عن هذه الأسرة صلتها الوثيقة بالبيت النبوي الشريف وارتباطها بالمجتمع العلمي والديني عبر القرون.
هذا وقد أشارت الوثائق الوقفية إلى محالّ تجارية موقوفة في سوق العرب، ومن بينها وقفية مؤرخة عام 1251هـ، تؤكد مساهمة هذه الأسرة في الأوقاف العامة والعمل الخيري.
وفي عام 1294هـ (1876م)، دوّى صوت الثورة في أرجاء كربلاء بقيادة السيد "مهدي الأشيقر" ضد الحكم العثماني، في ما عُرف لاحقاً بـ "ثورة الأشيقر وأبو هر"، لتسجّل الأسرة موقفاً مشرفاً في مقاومة الظلم والاستبداد.
ولم يكن مجد هذه الأسرة محصوراً في السياسة والدين، بل إمتد إلى المجالس الاجتماعية والثقافية، فالسيد "هاشم شاه الأشيقر" كان علَماً بارزاً في حي العباسية، جمع أهل الفضل في حديقته، واشتهر بورعه وكرمه، قبل أن يرحل عام 1363هـ (1944م) دون أن يخلّف ذكوراً.
كما تنوعت إسهاماتهم الأدبية والثقافية لتشمل كل من المحامي السيد "عبد الصاحب الأشيقر" مؤسس جريدة "شعلة الأهالي" عام 1960م، والسيد "محمد علي الأشيقر" مؤلف كتاب "لمحات من تاريخ القرآن" عام 1967م، فضلاً عن الشاعر السيد "محسن الأشيقر" الذي ترك قصائد في الصحف والمجلات المحلية، والمهندس "عبد الهادي الأشيقر" الذي أصبح الامتداد العلمي للأسرة في خارج العراق.
وختاماً فإن تاريخ آل الأشيقر ليس مجرد سرد لأسماء، بل هو سلسلة من معالم الحضور المؤثر في المحافل الدينية والثقافية والاجتماعية والسياسية، والتي جسدت معنى الانتماء للتراث العلوي النقي، وساهمت في رسم ملامح كربلاء المعاصرة.
المصدر: سلمان هادي طعمة، عشائر كربلاء وأسرها، دار المحجة البيضاء، 1998، ص13-15.