نشرت صحيفة "بارلو" الإلكترونية الباكستانية تقريراً مفصلاً كشفت من خلاله أصول وبدايات إقامة مراسيم عاشوراء في منطقة جنوبي آسيا وتحديداً من مدينة "لاكناو" عاصمة ولاية "عطار براديش" مركز أتباع أهل البيت "عليهم السلام" منذ عهد الممالك الهندية القديمة وحتى الآن.
وقالت الصحيفة في تقريرها المعنوّن بـ "كل ما تحتاج لمعرفته حول تاريخ عاشوراء في لكناو بالهند"، إنه "لطالما فتن الإرث التاريخي المهيب لمدينة (لكناو) الناس في جميع أنحاء العالم، فيما أعطى الحكام المتتالين صورة مميزة لهذه المدينة وزينوها بصروح دينية وعلمانية ذات إمتياز لا يضاهى، وهو أمر فريد بالفعل"، مضيفةً أنه "يمكن للمرء أن يلاحظ في (لاكناو) ثراء وجمال وتنوّع الثقافة الهندية في جميع المهرجانات وبالأخص في ذكرى حلول شهر محرم الحرام وإستشهاد الإمام الحسين (عليه السلام)".
وتابع التقرير أن "الهندوس يشاركون أيضاً في مراسيم عاشوراء السنوية بإجلال وإخلاص كبيرين في مدينة (لكناو)، حيث أصبحت فاجعة كربلاء مؤشراً على التفاهم بين الأديان في شبه القارة الهندية"، مشيراً الى أن "مشاركة الهندوس في طقوس العزاء على الإمام الحسين (عليه السلام) كانت سمة من سمات الهندوسية لعدة قرون في أجزاء كبيرة من الهند، يشاركهم في هذا كل من السيخ واليانيين والمسيحيين وغيرهم من الشعوب غير المسلمة منذ تلك الفترة وحتى الآن".
وبيّنت الصحيفة الباكستانية الشهيرة أن "حلول ذكرى عاشوراء وإقامة مراسيم إحياء تضحية الإمام الحسين (عليه السلام) لم تكن مهرجاناً للمسلمين في يوم الأيام، وإنما حركة لمبادئ الإنسانية والتضحية ضد قوى الشر في العالم بأسره بما في ذلك الإرهاب"، مشيرةً الى أن "الإحتفال بذكرى عاشوراء في مدينة (لاكناو)، يبدأ في الأول من محرم ويستمر لمدة شهرين و8 أيام، حيث يبتعد سكان المدينة طوال هذه المدة، عن الموسيقى وجميع الأحداث السعيدة التي يمكن أن تصرف انتباههم بأي شكل من الأشكال عن الذكرى الحزينة لذلك اليوم، فيما تُعقد المجالس الحسينية بصورة يومية من قبل خطباء من الشيعة، والسنة ، وباقي الأديان لإستذكار حادثة إستشهاد الإمام الحسين ورفاقه، ليتم بعدها إقامة تجمعات كبيرة والخروج في مواكب عزاء عامة، كما يتم تشييد محطات لتوزيع الماء والعصائر مجاناً والمسماة محلياً بـ (السبيل) من قبل جميع المجتمعات الدينية المختلفة، نظراً لأن الإمام الحسين ورفاقه ونجله علي أصغر (عليهم السلام) قد إستشهدوا عطاشى".
وأشار التقرير الى أن "مدينة (لاكناو) هي البقعة التي تضم أكبر عدد من الحسينيات أو ما تسمى محلياً بـ (إمام برغا) في جميع أنحاء الأمة الهندية، حيث تلعب هذه الحسينيات دوراً حيوياً وبارزاً في إحياء ذكرى انتصار الإنسانية والدين على قوى الشر أو كما يشار اليه في الهند بذكرى (أزاداري) التي بدأت أولى فعالياتها في عهد سلالة (النواب) في مملكة (عوض) القديمة الموالية لآل البيت الأطهار"، مبيناً أن "السمعة التي عكسها سكان (لاكناو) كشعب طيب القلب، يؤمن بالإنسانية والسلام، قد جذبت مواطنيهم على إختلاف مناحي الحياة والدين والطائفة والعقيدة لأداء مراسيم محرم، وهذا ما جعل حلول محرم في هذه المدينة تأريخاً مشهوراً في العالم أجمع".
وتتابع الصحيفة أنه "من بين قصص المذكورة عن تاريخ هذه المدينة في الولاء لآل البيت (عليهم السلام)، أنه في يوم من الأيام على عهد حكم (النواب) وتحديداً الملك (واجد علي شاه)، كان يوم عاشوراء قد تصادف في نفس يوم عيد (هولي) الهندوسي المليء بالإحتفالات والسعادة، فلذلك عندما استيقظ الملك في الصباح وأدرك أن مواطنيه الهندوس لم يكونوا على الطرقات يلعبون بالألوان كما يفعلون عادة، فإستفسر عن السبب، وعرف أنه تضامناً مع ملكهم المسلم قرر الرعايا إلغاء إحتفالاتهم، وهو ما أثّر بشدة على الملك الى درجة أنه قرر إلقاء (اللون الأول) بنفسه وترك رعاياه الهندوس يحتفلون بالعيد، إلا أنهم لم يستمروا إلا الى الساعة العاشرة صباحاً لينضمّوا بعدها إلى الملك في مراسيم الحداد وطقوس محرم الأخرى".
وما يشير أيضاً الى روح الحب والإحترام والحزن المشترك على مصاب سيد الشهداء "عليه السلام" في "لاكناو"، هو وجود العديد من الحسينيات "إمامبارغا" الهندوسية منذ القرن التاسع عشر، والتي يعدّ أشهرها على الإطلاق هو "كيشنو خليفة كا إمامبارا" في المدينة القديمة، فيما قام عدد من أشهر النبلاء الهندوس مثل "راجا تيكيت راي" و"راجا بيلاس راي "وغيرهما، ببناء حسينيات ومراكز "سبيل" لإستذكار فاجعة عاشوراء على مدار العام ولكي لا يعاني الناس من العطش مثلما عاناه الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه في كربلاء عام 680 م، فيما قام العديد من أدباء الهندوس مثل "جونو لال ديلجير" و"ناتثو لال" بتأليف قصائد حسينية مهمة عن هذا المصاب الأليم.
ويذكر التقرير أن "من بين الروايات المتداولة في الهند، أن الإمام الحسين (عليه السلام) كان متوجهاً الى الهند قبيل وقوع فاجعة كربلاء، حيث تذكر المصادر المحلية أنه عندما تم إبلاغ الملك (تشاندرجوبتا) أن الإمام الحسين (عليه السلام) قد حوصر من قبل قوات الشر التابعة ليزيد في العراق، فإنه قام بإرسال رجاله لنصرته ومرافقته إلى الهند، لكنهم وصلوا إلى هناك متأخرين، ليعودوا بعدها إلى الهند ونشر تفاصيل ما حدث بالضبط في كربلاء، حيث تم توثيق أسماء أولئك الجنود المنتدبين لإنقاذ الإمام الحسين وتمت تسميتهم منذ ذلك الحين بـ "البراهمين الحسيني"، جاعلاً منهم محط إحترام وإجلال كبيريّن في جميع أرجاء البلاد. واننا نعد هذه الرواية من الاساطير او ليس لها نصيب من الصحة