لم تكن ثورة الإمام الحسين (ع) كنظيراتها من الثورات على مر التاريخ، فصحيح أن الإمام (ع) استشهد في العاشر من المحرم عام 61هـ، لكن شعاع ثورته بقي صداه يتمدد في كل عصر، وليس فقط لأتباعه من نفس الدين بل لكل حر يرفض الظلم في هذا العالم على اختلاف عرقه أو مذهبه، ونستذكر الشاعر الكربلائي علي محمد الحائري في نظمه الخالد: "كذب الموت فالحسين مخلد، كلما أخلق الزمان تجدد".
ولأبي الشهداء (ع) قصص كثيرة مع محبيه، يشاركنا الصحافي المسيحي "سركيس دويهي" تجربته الشخصية في معرفة الإمام، خلال حديث صحفي، قائلا إن "ثورة الإمام الحسين (ع) ليست ثورة إسلامية شيعية مذهبية فحسب، إنما هي ثورة إنسانية مطلقة وشاملة، تعني كليّة الإنسان فكراً وجوهراً وروحاً وكياناً وكينونةً في كل زمان ومكان، ساحتها كربلاء ولكن مساحتها على امتداد الكون، وهي المثل العريق لكل الثورات المحقة في العالم".
وتابع "دويهي" بالقول "تعرفت الى الإمام (ع) عام 2015م في حسينية حي اللّجى في منطقة المصيطبة، حيث لبيت دعوة صديقي الدكتور (علي حطيط) للمشاركة في مجلس عزاء يحييه الخطيب الحسيني الشيخ (حيدر المولى)، ويومها كان المجلس عن أصحاب الإمام (ع) الذين بذلوا مهجهم دونه واستشهدوا بين يديه دفاعا عن الحق، فتأثرت كثيرا بالسيرة الحسينية وعشقت شخصية الإمام (ع) الذي آثر الموت على مبايعة الظالمين، ولا أبالغ إن قلت إنني كعابس حب الحسين أجنني".
"تركت عقلي وقلبي معلقين على شباك الضريح"
وإعتبر "دويهي" أن "هناك تشابه كبير بين السيد المسيح والإمام الحسين (ع)، فالحسين هو وارث عيسى روح الله بكل ما للكلمة من معنى، وهما ثارا على قوات الجحيم وقدما نفسيهما الطاهرتين قرباناً من أجل القيم النبيلة والأخلاق السامية، المبرأة من أية أغراض دنيوية أو مغانم شخصية، وما نهضا الّا لتوكيد وترسيخ الحق الإلهي الذي ما أنزلت الرسالات السماوية الثلاث إلا لتكريسه في أعماق النفوس، وهو الحق الذي ينظم علاقة الإنسان بربّه ثم بأخيه الإنسان، ومثلما صلب المسيح في القدس، قتل الحسين (ع) في كربلاء، فالهدف واحد وهو تحرير الإنسان من عبودية المادة وجموح الغريزة والتقرب من الله وخلاص البشرية جمعاء".
كما تحدث عن زيارته الأولى الى كربلاء المقدسة، واصفاً بأنها كانت حلم بالنسبة إليه، شعر خلالها بسعادة لا توصف، حيث لم يصدق بأنه يلتقي بحبيبه الإمام الحسين (ع)، وقال: “لا أبالغ إن قلت إنني تركت عقلي وقلبي معلقين على شباك الضريح، لقد تزودت من هذه الزيارة فيض من الإرادة والعنفوان والعزيمة لمتابعة مسيرتي في هذه الحياة، وعاهدت نفسي أن أكرر هذه الزيارة في كل عام ولكن للأسف وباء كورونا أحال دون زيارتي لكربلاء هذا العام".
وحول من يهاجم ثورة عاشوراء من أجل زرع الفتن بين الأديان، لفت "دويهي" الى أنه اذا كان المثل يقول بأن كل الطرقات تؤدي الى روما، فهو يقول بأن "كل الأديان السماوية تؤدي الى الله، فالله سبحانه وتعالى محب ومتواضع وغفور ورحمن ورحيم، ولا يمكن أن ننعم بلقائه في الجنة إلا اذا تحلّينا بهذه الصفات، ونحن إن لم نكن أخوة في الدين، فنحن نظراء في الخلق كما يقول الإمام علي (ع)، لذلك يجب أن نحب بعضنا البعض وأن ندافع عن إخوتنا المظلومين والمستضعفين بغض النظر عن دينهم ولونهم وجنسيتهم"، خاتماً بالقول: "ثورة عاشوراء هي جمرة لا تنطفئ بل تتجدد وتشتعل أوارها جيلاً بعد جيل وعاماً بعد عام، وكل من يهاجم هذه الثورة يحترق وإلى جهنم وبئس المصير".
المصدر: https://ar.shafaqna.com/AR/221129/