يحتضن المتحف الخاص بالعتبة الحسينية المقدسة بين جنباته الكثير من المعالم والآثار الدينية والثقافية التي ترتبط بتأريخ آل البيت عليهم السلام، وتعود تلك الآثار إلى فترات زمنية مختلفة ويمكن لزائر المتحف إن يحظى بفرصة لمشاهدة والتعرف على الكثير من الشواهد الاثرية المرتبطة بالمسلمين الشيعة، ومن بينها صندوق خاص بالمرأة التي اصطفاها الله من عنده، السيدة التي منّ عليها الله بكرمه وزادها علماً من علمه حتى أصبحت (سيدة نساء العالمين)، ومنحها منزلة عظيمة ومقاماً أعظم، وجعل منها حاملة إرث النبوة في العلم والعبادة والتضحية، السيدة التي وصفها النبي صلى الله عليه وسلم "بأم ابيها" لأنّها كانت لأبيها بمنزلة الاُمّ في الحنان والعطف، والسعي في قضاء حوائجه، وخدمته وتلبية رغباته، (السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام).
مقتنيات الصندوق:
وذكر المؤرخ سعيد زميزم في حديث خاص لمراسل الموقع الرسمي لمركز كربلاء للدراسات والبحوث، إن "صندوق السيدة فاطمة عليها السلام يعد من الكنوز الثمينة الموجودة في الحجرة النبوية في الحجاز وكان يستخدم من قبلها شخصياً ويضم العديد من المتعلقات الشخصية للسيدة فاطمة، وبعض الأدوات التي تُنسب لها حسب الروايات التاريخية، وتضم الحجرة النبوية مجموعة من النفائس المهمة عند المسلمين ومنها (سيف النبي صلى الله عليه واله وسلم وقوسه وشعرة لحيته المباركة ووعاء شرب الماء الخاص به)، وسيف الإمام الحسن عليه السلام وعدداً من سيوف الصحابة، وجميع تلك النفائس تعرض في الجناح الخاص بالأمانات المقدسة في متحف توب قابي".
لماذا نقل الصندوق إلى اسطنبول؟!
وأضاف زميـزم إن "هذه المقدسات قد تم نقلها خلال فترة حكم فخر الدين باشا آخر الامراء العثمانيين في المدينة المنورة ١٩١٧م بعد إنهيار الحكم العثماني، بعد نجاح الانكليز في تنفيذ عدد من الهجمات في المدينة وكذلك محاصرتها، أقترح الوالي فخر ألدين باشا نقل المقدسات والأمانات المباركة إلى اسطنبول وبعد موافقة السلطات العثمانية تمكن الوالي من نقلها عن طريق القطار من المدينة ومروراً بالعراق والاردن وصولاً إلى إسطنبول، وتم الاحتفاظ بتلك الأمانات في الغرفة الخاصة بالسلطان العثماني في قصر توب قابي، الذي تحول إلى متحف في ستينيات القرن التاسع عشر،
العتبة الحسينية المقدسة ودورها في استعادة صندوق فاطمة عليها السلام :
وأشار الى إن "العتبة الحسينية وبعد ورود أخبار عن وجود الصندوق في متحف توب قابي سارعت في إرسال وفد صوب مدينة اسطنبول للتحقق من امر الصندوق والتأكد من صحة الروايات المتداولة بشأن وجوده باعتبار ان الصندوق يعود للسيدة فاطمة الزهراء والدة الإمام الحسين عليهما السلام، و بعد مفاتحة الجهات المسؤولة هناك لمعرفة فيما اذا كانت هنالك إمكانية لاستعادة هذا الإرث المبارك من تركيا وجلبه إلى المتحف في الصحن الحسيني الشريف، لم تنجح المحاولات كون هذه المقتنيات من عائدات الدولة العثمانية التي حكمت الولايات الاسلامية لقرون عدة".
وبيّن إن "الجهات المسؤولة عن إدارة متحف توب قابي قد فتحوا ابواب الحجرة النبوية وسمحوا لنا بتصوير صندوق السيدة (فاطمة عليها السلام) إكرامًا للعتبة الحسينية المقدسة، وبعد تصويره وجهت ادارة المتحف العمل على إنشاء نسخةً مطابقة ووضعها في المتحف".
وأوضح مدير متحف العتبة الحسينية المقدسة في تصريح تابعهُ الموقع الرسمي للمركز، إن "إدارة المتحف بعد اطلاعها على النسخة الاصلية للصندوق المنسوب للسيدة فاطمة الزهراء عليها السلام قامت بعمل نسخة طبق الاصل لعرضه على زوار المعرض بعد وضعه في غرفة خاصة أطلق عليها غرفة السيدة الزهراء عليها السلام، ان الصندوق الذي يضم مقتنيات السيدة الزهراء عليها السلام مكتوب على واجهته بالخط العثماني وبقلم القوبيا القديم (صندوق حضرة فاطمة رضي الله عنها)، موكداً إن كادر المتحف تمكن من صناعة نسخة طبق الاصل مع اختلاف بسيط بالحجم".
ولفت الى إن "الصندوق الاصلي مصنوع من خشب (نادر الوجود)، وبأبعاد (22سم) عرض و(16) ارتفاع، تلفه قطعة قماش من الخام الأبيض، موضحاً إن النسخة المستنسخة الموجودة حالياً في متحف العتبة الحسينية تم صناعتها من الخشب (البورمي) الخاص بالضريح المقدس للإمام الحسين عليه السلام".