في قلب كربلاء، حيث تلتقي الروح بالتاريخ، تبرز أسرة عريقة نقشت اسمها في ذاكرة العلم والخطابة والأدب، هي "آل الأسترابادي"، التي يمتد نسبها الشريف إلى الثائر الشهيد زيد بن علي بن الحسين "عليهم السلام"، عبر (26) واسطة تتوّجها سلالة النور والعلم.
وتشير المصادر إلى أن أول من إستوطن كربلاء ضمن سلالة هذه الأسرة العريقة، هم ذرية السيد "ابن معصوم المدني" في القرن الثالث عشر الهجري، لتبدأ بذلك مسيرة عائلية عريقة في ميادين الفقه والخطابة والتفسير والشعر، حتى غدت هذه الأسرة عنواناً للعلم والورع.
برز من بين أعلام هذه الأسرة على منابر الخطابة ومدارس الفقه، كل من السيد مصطفى الأسترابادي "المير مجيدي"، والذي كان أحد أعلام القرن الثالث عشر الهجري، كعالم فاضل جليل يُشار إليه بالبنان في مجال العلم والفقه، إلى جانب السيد حسن بن علي بن مصطفى الأسترابادي الحسيني، والذي ولد في كربلاء سنة 1283 هـ، وتلقى علومه على يد كبار علماء عصره، وكان حافظة نادرة، ومفسّراً بارعاً للقرآن الكريم، وشاعراً ملهَماً لا يشق له بنان.
هذا وقد أنجب السيد حسن ثلاثة أبناء نهلوا من علمه وواصلوا المسيرة، هم السيد "محمد علي" الخطيب التقي الورع، الذي خلف والده في الوعظ والإرشاد، وتوفي سنة 1955م، والسيد "محمد مهدي" المولود عام 1908م، وكان خطيباً ومحدثاً وشاعراً عرفت له قصائد رثاء رائعة في أهل البيت "عليهم السلام"، فضلاً عن السيد "محمد حسين" الذي اشتغل بطلب العلم، وتميز بين أقرانه بحسن الخلق والتواضع.
ختاماً فإن الحديث عن آل الأسترابادي، هو حديث عن أصالة كربلائية، وجذور تمتد في أرض الطف بعمق الوفاء والولاء، وهم اليوم يمثلون ركناً من أركان الهوية العلمية والاجتماعية للمدينة، بما تركوه من أثر في الذاكرة الحسينية والفضاء الثقافي العام.
المصدر: سلمان هادي طعمة، عشائر كربلاء وأسرها، دار المحجة البيضاء، 1998، ص10-12.