لعلّ من الدوافع الأساسية لقطع الرؤوس والتمثيل بها، حبّ الذات والأنا، والرغبة الجامحة في القضاء على المعارضين وسحقهم، فالطاغية لا يريد أن يسمع صوتاً يخالف صوته، ولا يخاطبه أحد بكلا ! فاعتادت نفسه المريضة على طاعة الناس، ويعيش الطاغي حالة من التكبر والمولوية المصطنعة له من قِبَل حاشيته من المنافقين والمتملّقين والمؤيدين له؛ فيكون من السهل جداً حينئذٍ سحق وقتل كل مَن يقف أمامه، بل والتمثيل به؛ ليكون عبرة ومثلاً لكل مَن يتجرّأ أو يفكّر في المخالفة؛ لذلك لم يرضَ الطغاة من الإمام الحسين عليه السلام أن يرجع أو يذهب إلى أيّ بلد آخر، بل خيّروه بين البيعة والطاعة أو القتل والشهادة، فقال عليه السلام "ألا وإنّ الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين: بين السلة، والذلة، وهيهات منّا الذلة ".
فلم يهابهم عليه السلام أو يفكر في الرجوع عن هدفه وطريقه المنشود، وهو الذي خطّ طريق الشهادة بمسيرته من أوّل يوم خروجه من المدينة، معلناً سبيل الجهاد، رافضاً مبايعة الطاغية يزيد، فأخبر الناس بشهادته وما هو صائر إليه بالقول: «خُطّ الموت على وُلد آدم مخطّ القلادة على جيد الفتاة، وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف، وخير لي مصرع أنا ملاقيه، كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلا»