كان القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) أحد شُجعان يوم عاشوراء، فعلى الرغم من صِغَر سنّه إلّا أن قلبه كان كزُبَر الحديد فلم ترهبه كثرة الأعداء ولم توهنه قلة الانصار، لذلك استأذن مولاه الحسين يوم الطف بالبراز فلم يأذن له واعتنقا وبَكَيا، فلم يزل القاسم يُقبّل يَدَي الإمام ورِجلَيه ويسأله الإذن حتّى أذِنَ له، فخرج ودموعه على خدّيه وهو يقول:
إنْ تنكروني فأنا ابن الحسن سبط النبي المصطفى والمؤتَمن
هذا حسين كالأسير المرتهَن بين أُناس لا سُقوا صوب المُزن
خرج وفي يده السيف وعليه قميص وإزار، وفي رجليه نعلان فمشى يضرب بسيفه فانقطع شسع نعله اليسرى، فوقف ليشدها، فقال عمر بن سعد بن نفيل الأزدي: "والله لأشدن عليه" فما ولّى وجهه حتى ضرب رأس الغلام بالسيف، فوقع الغلام لوجهه وصاح: يا عماه. فجلى الحسين عليه ثم شد شدة فضرب عمرا بالسيف فاتقاه بساعده فأطنها من لدن المرفق، ثم تنحى عنه، فحملت خيل عمر بن سعد الأزدي ليستنقذوه من الحسين، فاستقبلته بصدورها وجالت فتوطأته، فلم يرم حتى مات، فلما تجلت الغبرة إذا بالحسين على رأس الغلام وهو يفحص برجليه، والحسين يقول: "بعدا لقوم قتلوك، وخصمهم فيك يوم القيامة رسول الله، عز على عمك أن تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك فلا تنفعك إجابته، يوم كثر واتره وقل ناصره". ثم احتمله على صدره، ورجلاه تخطان في الأرض، حتى ألقاه مع ابنه علي بن الحسين والانصار الاكارم "عليهم السلام" .
المصادر :
محمد السماوي ، أبصار العين في أنصار الحسين ،الصفحة 72
البلاذُري ، جُمَل من أنساب الأشراف ، ج3، ص201.