ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها -من وجود الله سبحانه ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق-يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
نشاطات معرفية وفكرية متعارفة
ومن جملتها أن يكثر التفكير والتأمل في سنن الوجود وأبعاده وآفاقه، ويتحلى بالحكمة والبصيرة وعمق النظر وسعة الأفق، ويعتبر بحوادث الحياة قبل أن يجرّبها.
وهذه النشاطات عموماً هي سائغة ولازمة وضرورية للإنسان. وهي وفق المنظورين العقلاني والديني جزء من السلوك الطبيعي والسليم والراشد، ويكون أهميتها بدرجة أهمية الآثار المترتب عليها.
ومن ثَمّ فإن الأهم منها وفق هذين المنظورين معاً ما كان مساعداً على تصوير متكامل عن الوجود والموجودات من خلال البتّ في شأن الحقائق الكبرى الثلاث وهي وجود الله سبحانه ورسالته إلى الخلق وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة مرهوناً بعمله فيها، وذلك لكي ينظّم الإنسان عمله مع جهتها، فمن المهم جداً اتساع مدارك الإنسان في هذه الجهة بما يجعله قادراً على استيعاب الواقع.
وهذا هو غاية الدين ومضمونه الأساس، وهو مغزى جميع رسالات الله سبحانه إلى الخلق، فإن المراد بها توجيه فكر الإنسان إلى هذا الاتجاه لتحصيل الوعي اللازم والضروري في شأنه.
المصدر / محمد باقر السيستاني، اتجاه الدين في مناحي الحياة، ص،268 الى 269.