عُرفَتْ مدينة كربلاء المقدسة بالعديد من البيوتات الأدبية الكربلائية اللامعة وشخوصها الذينَ برزوا في المجتمع الكربلائي الأصيل، إذ كان لهم الشرف الكبير في خدمة مدينة سيد الشهداء (عليه السلام) ومن بين تلك الشخصيات التي برزت إلى مسرح الحياة الأدبية في مدينة كربلاء شاعر كبير ذائع الصيت من بيت -بدقت-متمثلاً بشخصية الحاج جواد بن محمد حسين بن عبد النبي بن مهدي بن صالح بن علي الأسدي الشهير بـ (بدقت)
وأُسرة بدقت من الأُسر العربية التي يعود نسبها إلى بني أسد وإن لقب هذا البيت بهذا الاسم -بدقت – فقد يقال إن جده الحاج مهدي كان يتمتم في التعبير وأراد مرة أن يقول بزغت الشمس فقال بدقت فأخذت عليه وجرى لقبه بها.
ولد الشاعر الحاج جواد في مدينة كربلاء عام (۱۲۱۰هـ) وعاش برعاية أبيه ودرس علوم الدين على مشايخ عصره وأقبل على الشعر بشغف وحب حتى برز من بين أقرانه من الشعراء الشيخ محسن أبو الحب الكبير والحاج محسن الحميري والشيخ موسی الأصفر من حيث قوة الشاعرية ومتانة الأسلوب.
وقد امتهن بيع الحبوب بعد وفاة والده محمد حسين وترك قول الشعر ليتفرغ إلى مسالك الحياة العملية ودروبها ليضمن بها لقمة العيش غير أن العسر رافقه وضيق الحياة صاحبه فطغى اليأس على قلبه بعد أن لازمه الفشل في تجارته هذه ولكن الحظ أبتسم له مرة أخرى فقد وجد منتجع السيد كاظم الرشتي وارتياد ديوانه الأدبي والعودة ثانية الى تجربته الشعرية -والعود احمد -أقول وجد ذلك وسيلة تكفل له العيش ويضمن له مستقبله الأدبي.
لمس من بيت الرشتي الترحاب الكبير وظل ملازما للسيد أحمد الرشتي بعد آن آلت مقاليد الأمور الدينية بوفاة والده السيد كاظم الرشتي (۱۲٥٩هـ) فأحسن السيد احمد وأكرمه وأحاطه برعاية تامة کما عهدها الشاعر أيام والده السيد كاظم، في الجولة الأخيرة من حياة شاعرنا الحاج جواد عاد شعره الى الحياة من جديد بعد أن أجدبته مرارة العيش ومسؤولية الحياة زمنا طويلاً وتجلبب قشيب وأرتدي حلة زاهية، توفي الشاعر الحاج جواد بعد فجر ليلة عيد الفطر من عام (1285هـ) ويؤكد هذا التأريخ ما ورد في أعلام الشيعة وأعيان الشيعة.
المصدر/ البيوتات الأدبية في كربلاء، موسى أبراهيم الكرباسي، ص129-137.