كشفت صحيفة "آسيا تايمز" الصينية شبه الرسمية عن بعض تفاصيل الاجتماع الذي جمع المرجع الديني الأعلى في العراق آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني "دام ظلّه الوارف" برئيس دولة الفاتيكان، البابا فرانسيس، وفقاً لما نقله الصحفي البرازيلي "بيبي إسكوبار" الذي رافق الحبر الأعظم في زيارته هذه.
وقالت الصحيفة في مقال إفتتاحي بقلم الصحفي المذكور تحت عنوان "لغز السيستاني - البابا"، إن "الزعيميّن قد أدليا خلال لقائهما الأخير مطلع الأسبوع الجاري، بتصريحات مناهضة للحرب والإبادة الجماعية والطائفية بطريقة تتجاوز فهم معظم وسائل الإعلام الغربية"، مؤكدةً إنه "مهما كان التقييم التاريخي المستخدم في وصف هذا اللقاء، إلا أنه قد غيّر قواعد اللعبة حسب وصفها، حيث أنه الاجتماع الأول من هذا النوع منذ القرن السابع، بين بابا كاثوليكي روماني وزعيم روحي شيعي يُنظر إليه عالمياً على أنه (مصدر يجب الاقتداء به) حسبما جاء في المقال".
وأضاف "إسكوبار" أنه " سوف يمر وقت طويل قبل أن نتمكن من تقييم جميع الآثار المترتبة على هذه المحادثة الهائلة التي إستمرت لمدة (50) دقيقة بحضور المترجمين الفوريين فقط، في المنزل المتواضع للسيستاني داخل زقاق بالقرب من الحرم (الرائع) للإمام علي" في مدينة النجف الأشرف التي تعدّ بالنسبة للمؤمنين الشيعة، كالقدس بالنسبة للمسيحيين"، مبيناً أن "الرواية الرسمية للفاتيكان هي أن البابا فرنسيس ذهب في رحلة مدروسة بعناية إلى العراق تحت شعار (الإخوة) وليس فقط من الناحية الجيوسياسية ولكن أيضاً كـ (درع) ضد الطائفية الدينية، سواء بين المسلمين والمسيحيين، أو بين المسلمين أنفسهم".
ونقل كاتب المقال عن البابا فرانسيس محادثته "الصريحة للغاية" مع وسائل الإعلام على متن الطائرة التي أقلّته عائداً إلى روما، فضلاً عن تقييمه "الصادق" لآية الله السيستاني عبر تأكيده إن "المرجع الديني قد ذكر له حديث (الناس صنفان، إما أخ لك في الدين، أو نظير لك بالخلق) وهو ما يرى ضرورة تحويل هذه الثنائية الى رحلة ثقافية أيضاً، واصفاً لقاءه بأعلى سلطة دينية في العراق، بأنه يحمل (رسالة عالمية)، بالإضافة الى وصفه سماحة المرجع بـ "الشخص الحكيم"، و "رجل الله، فضلاً عن قوله إن مجرد سماع كلام هذا الرجل صاحب الحكمة والحصافة، لا يسع المرء إلا أن يعطيه كامل إنتباهه"، ناهيك عن كونه (محترمٌ جداً)، جعلني أشعر بالفخر في تحيته لي مرتيّن نظراً لتواضعه وحكمته البالغتيّن".
وأشار الكاتب الشهير الى أنه " بالرغم من إمتلاك الجمهورية الإسلامية في إيران، لسفير دائم لدى دولة الفاتيكان، بالإضافة الى تعاونهما منذ سنوات في إعداد بروتوكولات البحث العلمي، إلا أن البابا جعل محط رحاله في العراق حصرياً للقاء المرجع الديني الأعلى للمسلمين الشيعة، والذي كان لي شرف متابعة مواقفه منذ أوائل القرن الحادي والعشرين، فضلاً عن زيارتي لمكتبه في النجف الأشرف في عدة مناسبات"، مؤكداً في سياق بيانه لبعض هذه المواقف، إنه "كان له الفضل بمفرده في عام 2004، في هزيمة الكيان (القوي والبشع) للإحتلال الأمريكي أخلاقياً، وكان هو أيضاً من أطلق في عام 2014، فتواه الداعية الى تطوّع المدنيين العراقيين للقتال ضد تنظيم داعش الإرهابي عبر قوات الحشد الشعبي التي لم تعد مقتصرة على المسلمين الشيعة وحسب، بل من العراقيين من جميع الأديان والمذاهب، ومنها كتائب الكلدان المسيح بقيادة (ريان الكلداني) الذي أهداه البابا فرنسيس (مسبحة) في لقائهما الأخير بالعراق، في لفتة تعد (بالغة الأهمية) نظراً لكون (الكلداني) هو المسيحي الوحيد على هذا الكوكب ممن وضعته الولايات المتحدة على قائمة (الإرهاب) الخاصة بها".
وإختتمت الصحيفة الصينية مقالها بالإشارة الى بعض ما بيّنه السيستاني لزعيم الفاتيكان، ومنه إستنكاره لـ "حصار الشعوب" عبر العقوبات الاقتصادية، ونفيه القاطع لرغبة العراقيين في بقاء القوات الأمريكية، ورفضه للظلم الجاري حالياً من قبل ساسة بغداد الغارقون في الفساد والمتجاهلون لتوفير الخدمات الأساسية وفرص العمل، ولـ "لغة الحرب" التي تستهدف الشرق الأوسط، والإحتلال الغاشم لأرض فلسطين"، مؤكدةً إن "البابا فرنسيس لم يكن ليتمكن من زيارة العراق إلا بفضل قوات الحشد الشعبي ذات الأهمية القصوى في إنقاذ هذا البلد من التقسيم، أو أن يتحول الى (خلافة) وهمية، وهو ما كان سيحصل لولا الفتوى (الحاسمة) للسيستاني".
المصدر: https://asiatimes.com/2021/03/the-pope-sistani-riddle/