من أعظم الأمثلة التي ضربها لنا الله عز وجل عن دور المرأة في صناعة التاريخ هي سيرة السيدة الطاهرة "خديجة الكبرى" أُولى زوجات النبي وأحبهنَّ الى قلبه وأُولى النساء إسلاماً وأكثرهنَّ نصرةً لدين الله وحامل رسالته "ص".
نسبها وولادتها
مما يؤكد طهارة أصل هذه القامة الإسلامية العظيمة هو إشتراكها مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" في النسب، حيث أن آباءه وأجداده "ص" هم : عبد الله، عبد المطلب، هاشم، عبد مناف، قُصي، كِلاب ،مُرَّة ، كعب، فيما أبوها خويلد –الذي كان من كبار سادة قريش ومن أثرياء مكة –هو إبن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر، فيما ذكرت كتب التاريخ أنها ولدت حوالي عام 68 قبل الهجرة النبوية المباركة (1) .
زواجها من رسول الله "ص" ونصرتها له
تزوجها النبي "صلى الله عليه وآله" وهو في الخامسة والعشرين من عمره، وبالتحديد في شهر صفر الخير بعد خمس وعشرين سنة وشهرين وعشرة أيام من يوم الفيل، فكان من أبرز ثمار هذه الزيجة المباركة هو ولده القاسم الذي كان يُكنّى به وعبد الله الملقّب بـ "الطاهر والطيب" سيدة نساء العالمين فاطمة و الزهراء "عليها السلام" (2).
وقفت هذه الصديقة إلى جانب زوجها "ص" مساعِدةً ومعاضِدةً حتى أنفقت ثروتها الطائلة في سبيل إنجاح الرسالة الإلهية ونشر الدين الإسلامي الحنيف في العالمين، فكانت شريكته "ص" في كلّ آلامه وآماله، والمسلّية له بما أصابه من أذى، بل كانت المعينة له على مكاره قريش، ومن هنا لم يتزوج "ص" في حياتها غيرها قطّ، بل وصفت بعض المصادر علاقتها برسول الله بأنها كانت "وزير صدق بنفسها ومالها" وهو ما ظهر جليّاً عبر إشادة الرسول الأعظم "ص" بها في ما لا يعد ولا يحصى من المناسبات بما فيها قوله رداً على من ادّعى غير ذلك: "واللّه ما أبدلني اللهخيراً منها، آمنت بي إذ كفر الناسُ، وصدّقتني وكذّبني الناسُ وواستني في مالها اذ حرمني الناسُ ورزقني اللّه منها أولاداً إذ حرمني أولاد النساء".
وفاتها
ذكرت المصادر أن السيدة خديجة "رضوان الله عليها" قد إلتحقت بالرفيق الأعلى في العاشر من رمضان للسنة العاشرة للبعثة وقبل الهجرة من مكة إلى المدينة بثلاث سنين عن عمر ناهز الخامسة والستين بعد وفاة عمّ النبي وناصره الأمين أبو طالب بفترة اختلف في تحديدها المؤرخون، حيث كان لخسارة هذين الإثنين وقعها الجلل على رسول الله الى درجة أنه أسمى عام وفاتهما بـ "عام الحزن"، ليقوم الرسول الأعظم "ص" حينها بإنزال الجثمان الطاهر للسيدة خديجة الى قبرها الواقع في مقبرة بني هاشم في مكة المكرمة بيديه الكريمتين بعد أن كفّنها برداء له ثم برداء من الجنة (3) .
المصادر
(1) ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 8، ص 174.
(2) ابن عبد البر، الاستيعاب، ج 1، ص 25.
(3) الطبري، تاريخ الطبري، ج 11، ص 493