ذكرت موسوعة كربلاء الحضارية الصادرة عن مركز كربلاء للدراسات والبحوث في العتبة الحسينية المقدسة، نقلاً عن أحمد ابن الأعثم في كتابه "الفتوح"، قوله إن "محاولات عبيد الله بن زياد للوصول الى مسلم بن عقيل والقبض عليه، أو معرفة مكان تواجده، كانت قد أعيته، مما دفعه الى بث عيونه في كل مكان، غير انه لم يظفر بحاجته هذه".
وبينت الموسوعة أن "إبن زياد إهتدى بعدها الى جبلة خادعة استطاع من خلالها تحقيق مراده حين دعا مولى له يدعى (معقل) وزوده ببعض المال، قائلاً (هذه ثلاثة آلاف درهم خذها اليك، وإلتمس لي مسلم بن عقيل حيث كان من الكوفة، فإن عرفت موضعه، فادخل إليه وأعلمه أنك من شيعته وعلى مذهبه، وادفع اليه الثلاثة آلاف درهم".
وأضاف المحور التاريخي في الموسوعة أنه "ما من شك في أن معقلاً وغيره من عيون ابن زياد أخذوا يتحسسون الأخبار ويتقصونها علّهم يظفرون بما يدلهم على مكان سفير الإمام الحسين (عليه السلام)"، في حين أن رواية لإبن أعثم ذكرت أن "معقلاً دخل المسجد الاعظم فرأى رجلاً من الشيعة يقال له مسلم بن عوسجة الأسدي، وكان يقبض أموال الشيعة ويعين به بعضهم بعضاً ويشتري لهم السلاح، وكان به بصيراً، وكان من فرسان العرب ووجوه الشيعة".
وأشار قسم التاريخ الإسلامي الى أن "معقلاً كان قد جالس إبن عوسجة وأخبره أنه رجل من أهل الشام، وهو محب لأهل هذا البيت، ومعه مبلغ من المال يريد دفعه الى رجل قد بلغه عنه أنه يقدم الى بلدكم هذا يأخذ البيعة لابن بنت رسول الله (الحسين بن علي) ، قائلاً له "فإن رأيت أن تدلني عليه حتى أدفع إليه المال الذي معي وأبايعه، وإن شئت فخذ بيعتي له قبل أن تدلني عليه"، وهو ما يدل على قابلية معقل هذا وقدرته على التسلح بالحيل والأحابيل، حتى ظن ابن عوسجة أن القول على ما يقول، ومع هذا فإن الأخير لم يبح له بمكان مسلم، بل أجابه بأن ينصرف عنه حتى ينظر ما يكون، وهو دليل عقل راجح، ومعرفة بالتنظيم الهرمي للدعوات السرية، وأغلب الظن أنه استشار مسلم بن عقيل فوافقه على ما أقدم عليه، وأدخله عليه، فاصبح يتسقط اخباره.
وبيّن القسم الخاص بالنهضة الحسينية في موسوعة كربلاء الحضارية الشاملة، أن "رواية الطبري لا تخرج بمضمونها عما ذكره ابن اعثم، لكنها تقود الى حقيقة في
غاية الأهمية، وذلك قوله) إن معقلاً لم يزل باحثاً منقباً عن مسلم، حتى دلّ على شيخ من أهل الكوفة يلي البيعة لمسلم وأحسبه ابن عوسجة، فقال له الشيخ (لقد سرني لقاؤك إياي، وقد ساءني، فأما ما سرني من ذلك فما هداك الله له، واما ما ساءني فإن أمرنا لم يستحكم بعد، وهنا يكمن سبب التريث الذي دعا له هاني بن عروة".
المصدر: - موسوعة كربلاء الحضارية الشاملة، المحور التاريخي، قسم التاريخ الإسلامي، النهضة الحسينية، الجزء الثاني، أحد منشورات مركز كربلاء للدراسات والبحوث، 2019، ص 36-37.