ذكرت موسوعة كربلاء الحضارية الصادرة عن مركز كربلاء للدراسات والبحوث في العتبة الحسينية المقدسة، أن عبيد الله بن زياد أَدرك بأن الأُمور تكاد تفلت من يديه بفعل كتاب الحسين لزعماء القبائل في البصرة، وبخاصة تلك الجماعات التي لم تكن على علاقة ودية مع دمشق، ومنهم: عبد القيس، وبكر بن وائل، وربيعة، كبرى أخماس البصرة، ذلك أن الاتجاه السياسي العام في هذه المدينة قد تقاسمته الأهواء والاتجاهات المختلفة، وتحكمت القبائل في جميع مفاصله وفرضت أحياناً سطوتها ونفوذها عليه.
ونقلت الموسوعة عن الطبري، قوله في كتاب "تاريخ الرسل والملوك"، إن "كل من قرأ الكتاب من زعماء الأخماس والناس كان يكتمه إلا) المنذر بن الجارود) الذي كشفه لعبيد الله بن زياد بحكم علاقته الوثيقة به، فقد كانت ابنته) حومة (زوجة لعبيد الله بن زياد، وهكذا جيء بحامل الكتاب واسمه) سليمان (من موالي الحسين فضربت عنقه، حيث يروي أبو مخنف، أنه أول رسول قتل في الإسلام".
ويضيف المحور التاريخي في الموسوعة أنه "على الطريقة التي انتهجها ابوه من قبل حين أرسله معاوية عاملاً على البصرة سنة 45 هـ، خطب عبيد الله بن زياد محذراً أهل البصرة ومهدداً من عواقب وخيمة ستطالهم، قائلاً...)يا أهل البصرة، اني نكل لمن عاداني، وسم لمن حاربني، وقد انصف القارة من راماها، يا أهل البصرة إن امير المؤمنين ولّاني الكوفة، وأنا سائر اليها غداً ان شاء الله تعالى، وقد استخلفت عليكم أخي عثمان بن زياد، فإياكم والخلاف والإرجاف، فوالذي لا إله إلا هو، لو بلغني عن رجل منكم خلاف لأقتلنه، ولأقتلن عريفه، ولآخذن الأدنى بالأقصى حتى تستقيموا لي، فأنا ابن زياد لم ينازعني عمّ ولا خال، والسلام)".
وبيّن قسم التاريخ الإسلامي بالموسوعة، أن "خطاب إبن زياد يمثل السياسة التي يعكس قوامها الشدة، وقاعدتها العنف، في نهج وسلوك لم يبعد عن تلك السياسة العنيفة التي سار عليها ابوه من قبل، وخطاب لا يختلف عن خطاب أبيه حتى بمفرداته وصيغته".
المصدر:
- موسوعة كربلاء الحضارية الشاملة، المحور التاريخي، قسم التاريخ الإسلامي، النهضة الحسينية، الجزء الثاني، أحد منشورات مركز كربلاء للدراسات والبحوث، 2019، ص 32-33.