ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها -من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق-يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
ان انتفاع الدين بالأخلاق الفاضلة فهما وتذوقاً وسلوكاً، فكلما كانت الحاضنة الإنسانية المستقبلة للدين أكثر اتصافا بالأخلاق الفاضلة كانت وعاء أنسب للدين من حيث الفهم له ولتعاليمه، ومن حيث العمل به، وكلما كانت هذه الحاضنة أكثر مزاجية وانفعالا وتسرعا كانت أقصر عن الوفاء باستيعاب الدين وعن الاندفاع إلى مراعاته عملاً بل يؤدي ذلك إلى تشوه الدين في فهم صاحبها، ووقوعه في الشبهات في تفقهه والعمل به.
فالأخلاق والعقلانية صنوان متماثلان، فكما أن عقلانية الحاضنة المستقبلة للدين وعلمها يهيئ بيئة مناسبة لتلقي الدين والعمل به فكذلك الأخلاق الفاضلة فيها.
المصدر/ اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني، ص95.