قالوا: "وجاء الحسين خبر مسلم بن عقيل (عليه السلام) عن طريق الرسول الذي أرسله مسلم فهم الحسين بالرجوع فامتنع أبناء مسلم، وقالوا: لا ترجع حتى نأخذ بثأر أبينا، فنزل الحسين على رأيهم".
نقول:
أولا: الرواية بهذه الزيادات ضعيفة السند إذ فيها خالد بن يزيد بن عبد الله القسري، وقد قال عنه الذهبي: "وكان صاحب حديث ومعرفة وليس بالمتقن ينفرد بالمناکیر... قال أبو جعفر العقيلي: لا يتابع على حديثه، وقال أبو حاتم: ليس بقوي، وذكره ابن عدي ... وقال: أحاديثه لا يتابع عليها لا إسنادا ولا متنا".
فعبارة "فهم بالرجوع" من منكرات خالد هذا. ثانيا: استغل الكاتب خطأ في تاريخ ابن کثیر، فسعى أن يوهم أنكلمة "لا ترجع" إنما هي أمر من أبناء مسلم بن عقيل للإمام الحسين (عليه السلام) فهم الذين أجبروه على الاستمرار.
ولكن بالرجوع إلى ما نقله الطبري وسائر المؤرخين، نرى أن المروي من قول أبناء مسلم هو: "والله لا نرجع حتى نصيب بثأرنا أو نقتل"، فقال الإمام (عليه السلام) بعدها: "لا خير في الحياة بعد كم" فسار.
ثالثا: وأما الحادثة وفق رواية الشيخ المفيد فخالية من تلك الزيادة، ففيها: "فنظر -أي الحسين (عليه السلام) -إلى بني عقيل، فقال: "ما ترون؟ فقد قتل مسلم"، فقالوا: والله لا نرجع حتى نصيب ثأرنا أو نذوق ما ذاق، فأقبل علينا الحسين (عليه السلام)، وقال: "لا خير في العيش بعد هؤلاء".
فمن الواضح أن كلام الحسين (عليه السلام) ليس إلا نوع من الاختبار لتصميم بني عقيل وثباتهم، وكيف ينتظر أن ينساق الحسين (عليه السلام) مع أبناء مسلم وهم أتباعه وتحت أمره ورأيه؟ بل كيف يتراجع وهو الذي عارض ناصحيه كما يقول الكاتب سابقا؟
وهل يرتاب الحسين بن علي (عليهما السلام) ويتزعزع عند أول مشكلة تواجهه بينما هو خارج للشهادة ويدرك أن المصيبة جسيمة؟
ولو أن الحسين (عليه السلام) كان من أولئك الذين تغلبهم العصبية البغيضة لانتقم لمقتل أخيه الإمام السبط الحسن (عليه السلام)، خصوصا مع ما حدث من منع بني أمية ومن معهم من دفنه عند جده المصطفى (صلى الله علية واله وسلم) وإثارة بني هاشم جميعا، لكنه آثر الصبر.
المصدر/ رد الاباطيل عن نهضة الحسين (عليه السلام)، عبد الله دشتي، ص58-60.