يمشي الزائر قادماً من محافظة النجف الاشرف وسط العراق بخطوات مثقلة ودرجات حرارة مرتفعة قاصداً مواساة محمد وآل محمد بمصيبة كربلاء في واقعة الطف وما تلاها من سبي وظلم وجور على العليل زين العابدين والعقيلة زينب "عليهما السلام" والنساء والاطفال ومسيرة السبايا في طريق عودتهن الى امكنة دفن الشهداء، وهو في تلك الاجواء الحزينة يقع بصره على خيمة كبيرة مرتبة فيها مقتنيات وراية وبردة وصور توثق فاجعة تفجير قبة الإمامين العسكريين عليهم السلام، فكرة جميلة نفّذتها العتبة العسكرية لمزج الحزنيّن، حزن مأساة جريمة تفجير سامراء وحزن عودة السبايا، فلا ألم ولا ظلم ولا جور يرتقي الى ما عاناه محمد وآل محمد "عليهم السلام" على مرّ العصور.
"حيدر محمد لطيف" مشرف معرض العتبة العسكرية المقدسة الخاص بفاجعة سامراء، ذكرى تفجير الإمامين العسكريين، يقول في حديث لوكالات أنباء محلية، إن "المعرض نصب منذ خمس سنوات ضمن فعاليات المشروع التبليغي للحوزة العلمية، والمعرض جزء من موكب العتبة العسكرية المقدسة الذي يتضمن مشروع تصحيح قراءة سورة الفاتحة للزائرين ونقل طلبة الحوزة العلمية وتوزيعهم على محاور المشروع التبليغي واقامة معرض فاجعة سامراء".
ويشير "لطيف" الى أن "هذا المكان مخصص للمعرض في زيارة الاربعين وهناك مشاركات خاصة في معارض اخرى، وتولدت الفكرة بتوجيه من الامين العام للعتبة العسكرية المقدسة الشيخ (ستار المرشدي)، وتكفّل قسم العلاقات بتنفيذ هذه الفكرة، وأختير المكان لاستذكار الجريمة النكراء التي نفذتها العصابات الإرهابية، ومدى مظلومية اهل البيت، ومراحل التطور الذي حصل في العتبتين والخدمات المقدمة للزائرين بوجود ملاك متخصص بتوضيح المعلومات للزائرين، وهذا المعرض يعطي فكرة كاملة عن حجم الضرر الذي لحق بالمرقديّن الشريفيّن، وأغلب الزائرين يتفاجئون بوجود هذا المعرض ومقتنياته التي كانت داخل المرقد، بل في الشباك المقدس، وهو بمثابة مزج للحزن على محمد وآل محمد، لأن مصيبة تفجير الإمامين العسكرية مصيبة عظيمة ومصيبة أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) أكبر واعظم، ولأن الإعلام المعادي ما زال يريد النيل من الدين عموماً والمذهب خصوصاً، فهذا المعرض جزء بسيط يبين مدى الحقد والغلّ الذي تحمله التنظيمات المنحرفة الارهابية عليه، ولهذا يرتاد المعرض زوار بالآلاف من العراقيين والعرب والاجانب من الخليج وباقي الدول ومن دول اسيا وافريقيا واوروبا، والذين يطلبون شرحاً مفصلاً وينشدون الى المقتنيات التي كانت داخل العتبة العسكرية المقدسة، ويستمر المعرض لمدة اسبوع كامل".
المقتنيات
يضم المعرض نفائس كثيرة تتضمن آخر راية كانت مرفوعة قبل التفجير الارهابي، وكذلك البردة التي كانت توضع على الباب الداخلي المؤدي الى الشباك المقدس، وهي عبارة عن قطعتين، كما عرض جزء من الشباك المقدس المرصع بالفضة الذي تعرض الى الضرر نتيجة التفجيرات الارهابية لعصابات القاعدة، وفي المعرض عرض مجسم لشباك الإمامين العسكريين، صمم وعرض قبل نصب الشبك الجديد، ومن المقتنيات الاخرى المعروضة، قطع كانت معلقة في الطارمة الخارجية تبين تاريخ تطور الطارمة في عهد الملك فيصل قبل اكثر من سبعين عاماً، وأجزاء من طابوق مذهّب من القبة الشريفة والمنارة المباركة، سقطت جراء شدة التفجير الارهابي، وطابوقة من القبة مبنية بالآجر واجزاء مذهبة كانت داخل القبة الشريفة للإمامين العسكريين تضررت بعدد من الشظايا ومقبض حديد مطلي بالذهب كان داخل الحرم في احد الابواب، وكذلك عرضت مجموعة من الآيات القرآنية مثل سورة الرحمن المنقوشة على الجدران وابيات شعر بحق الإمامين تعرضت هي الاخرى لأضرار كبيرة، وايضاً الاسماء التعريفية الموضوعة على مراقد الأئمة الاطهار علي الهادي والحسن العسكري (عليهما السلام) والسيدتين الجليلتين (نرجس خانم) و(حكيمة خاتون)، وقطع من الخشب والصناديق التي توضع على قبور الأئمة والابواب المثبتة في الشباك الطاهر، وتسع اجزاء من المرمر من الجدران والارضية داخل الحرم المقدس.
وهناك توثيق آخر للعتبة العسكرية تضمن مجموعة من الصور الفوتوغرافية من عام 1917 الى وقتنا الحاضر تبين تاريخ العتبة منذ (103) عام، ووضعت صور اخرى لمدينة سامراء القديمة وصور للمرقد وسرداب الإمام المهدي (عليه السلام) بعد تعرضه للاعتداء وخلال تعميره واخراج القطع المتضررة واعادة بنائه.
وهناك مجموعة كتب ومطبوعات تتضمن مجموعة من الاصدارات لمركز "تراث سامراء" التابع للعتبة العسكرية والذي يعنى بحوزة سامراء العلمية القديمة وتاريخ العلماء والطلاب وتقارير وبحوث لهم وكتب عن الامامين وعن تاريخ سامراء في الكتب والمجلات التي كتبت عنها.