إنَ أهم ما يُلزم على الإنسان في هذه الحياة بعد العلم بحقيقتها وآفاقها وغاياتها من خلال الإيمان بالله سبحانه ورسله الى خلقه والدار الآخرة هو توعيته لنفسه وتزكيته إياها، بتحليتها بالفضائل وتنقيتها من الرذائل، حتى يتمثل علمه في عمله واعتقاده في سلوكه، فيكون نوراً يستضيء به في هذه الحياة ويسير بين يديه وبإيمانه في يوم القيامة.
كل شيء في عالم الوجود جارٍ خاضع لحساب وتقدير
أن كل شيء في عوالم الوجود والكون من العالم المادي وما ورائه خاضع لحساب وتقدير على وفق ما دلت عليه الرسائل الإلهية إلى خلقه، ولمحاسبته مراتب....
فالأولى: ما تكون بلحاظ مقام علمه وإمداده حيث أحاط تعالى بكل شيء علماً، وافتقر إليه كل شيء في وجوده.
والثانية: ما هو من شؤون عظمته حيث خلق من ملائكته خلقاً كلفهم بثبت الأمور والمقادير كلها بعد إبلاغها إياهم، وربما أخفى عنهم بعضاً استأثره بعلمه، فأمرهم بكتابة تقديرات غير حتمية، حتى يبلغهم قضاؤه فيمحو ما شاء ويثبت ما شاء، وقد قال عز من قائل: ((يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الكتاب)).
والثالثة: ما هو من شؤون قضائه في يوم القيامة حيث وكل بعض ملائكته بسائر خلقه، يحصون افعالهم ويكتبون أعمالهم، فهم شهود عليهم في أمورهم كلها وشهداء في حقهم يوم القيامة عند إقامة الموازين والفصل بالقضاء.
والرابعة: ما هو من شؤون قضائه في القيامة أيضاً حيث أثبت كل تصرف للإنسان في جوارحه ليشهد عليه بها يوم القيامة.
المصدر: أصول تزكية النفس وتوعيتها، محمد باقر السيستاني، ج1، ص67 - 68.