من أجل إدراك الظروف الاجتماعية لمدينة كربلاء في توقيت المذبحة التي قام بها نجيب باشا، يجب إجراء دراسات عميقة ومفصلة في باب الطبقات الاجتماعية داخل المدينة وخارجها.
كانت العديد من التحولات التي طرأت على المدينة في الأعوام التي تلت هذه الحادثة، وحتى الآن، وربما في كل الفترات، قد تأثرت بالنسيج الاجتماعي للمدينة وكانت ذات صلة بصراعات البيئة الداخلية لها.
كان مجتمع کربلاء في وقت الحادثة، يضم طوائف متعددة من المجتمعات الكبيرة والصغيرة. كان السكان الأصليون والدائمون في المدينة، خليطاً من العرب والإيرانيين، وكانوا أقلية من حيث العدد، في مقابل الزوار والمهاجرين والجماعات من غير السكان الأصليين.
إن قصدنا من جماعة السكان الأصليين والمجتمع المقيم في كربلاء في تلك الفترة، هم الأشخاص الذين مضى على إقامة أجدادهم في كربلاء أكثر من قرن من الزمان.
كانت أعداد الجماعات الأخرى تزيد وتنقص في فصول وأوقات محددة من العام، مثل أيام الأعياد والتعازي، وربما أحيانا ما كانت أعدادهم تبدو مساوية لأعداد السكان الأصليين للمدينة.
على أية حال، فإن سكان المدينة كانوا في عمومهم من الزوار، وكانوا يتحدثون باللغة الفارسية. ومن هنا تمت الإشارة في جميع التقارير إلى تلازم اللغتين الفارسية والعربية في المدينة. بالإضافة إلى كل هؤلاء، كانت هناك أقليات من الجنسيات المختلفة تتواجد بين جموع الزوار، مثل البحرينيين، الآذريين، القفقازيين، الهنود، الكشميريين، الأفغان، والخرسانيين والذين يقصد بهم في الغالب أهالي بلخ وبخاری ومرو وسمرقند.
أدت هذه الخصيصة إلى أن يشير المبعوث الخاص للدولة العثمانية في تقريره إلى قضية سيادة الهوية «الكربلائية»، کهوية مكتسبة ومنتشرة بين جميع أفراد هذا الشعب المتنوع اجتماعية.
المصدر/ موسوعة كربلاء الحضارية، المحور التاريخي، قسم التاريخ الحديث والمعاصر، الوثائق العثمانية، ج9، ص169.