شاعر ومثقف، مشرق الديباجة، أنيس المجلس، ظريف النكتة، كما كان راوية العربي للشعر يحفظ منه ويستشهد به كثيراً ما جالسته وسامرته، فكنت أستريح إلى مطارحاته العذبة ومناقلاته الخصبة وإلى ومضاته المشرقة، ويومها كان طالبا في ثانوية كربلاء حدود سنة 1953.
أصدر نشرة جدارية باسم (لواء العبقرية) وشارك في احتفال أقيم بمناسبة ذكرى استشهاد أبي الأحرار وسید الشهداء الإمام الحسين بن علي بال الذي أقيم في الثانوية إبان ذلك العهد مع من شارك من الأدباء، ثم ما لبث أن ارتدى العمة والقفطان ليلقي قصيدة من قصائده في ليلة العاشر من المحرم مع موكبنا خدمة الروضة الحسينية في مطلع الخمسينيات كل عام.
ومنذ سنة 1954 بدأ يقرض الشعر، ومرت الأيام حتى أخذت الصحف والمجلات العراقية تنشر له قصائده الوجدانية والوطنية والغزلية، فكان موفقا إلى الغاية من التوفيق، والاستحسان من لدن أساتذته ومحبيه، تملکه الروح التاريخية حتى ليبدو في كل ما يصدر عنه وحتى في أحاديثه العامة كأنه المؤرخ المستقصي ومن جهابذة المحققين.
عرفته سهل الخلق، لين العريكة، دقيق الحس، رفيع النفس، حاد الطبع، حسن المعاملة، متفائلا أبدا، تتزاحم في رأسه الأفكار كأنها في سباق فيجري في تدوينها على عجل.
له مساهمات شعرية في الندوات والمجالس الأدبية وكأن فيها مبرزا في عطائه، ظاهر الحضور، محفوف المكانة بالتقدير والاحترام.
كان ولا يزال متسما بالتعليق بعظائم الأمور والبعد عن سفاسفها. يحمل فكره جزء كبيرا من المشاعر والأحاسيس تجاه الآخرين.
ولد السيد عبد الصاحب بن مجيد بن محمد علي بن مجید بن سلمان بن أمين بن مصطفى بن أحمد آل طعمة من آل فائز في مدينة کربلاء سنة 1934م وأنهى الابتدائية والمتوسطة، ودخل دار المعلمين الابتدائية في بغداد وتخرج معلما وعين في مدارس کربلاء، وظل یزاول هذه المهنة حتى اليوم.
إن حبه مزروع في قلوب أصدقائه، وكثيرا ما كنا نجتمع في المكتبة العامة أو في مكتبة السعادة لصاحبها المرحوم السيد سعيد زيني، فاستمع إلى حديثه الشيق المشبع بالحكمة والعذوبة، فيلذ لي ذلك، هذا إلى هدوء ودمائه مع ميل إلى المرح، وأخذ بالتمرد ونزعه إلى التجدد وإيثار العزلة والتفرد.
ما رأيته يوما متبرما من الحياة، وكأنه القانع الراضي بما هو فيه دوما، وقد صحب القلم طوال حياته، وأودع القرطاس جهد أيامه.
المصدر/ الحركة الأدبية المعاصرة في كربلاء، صادق آل طعمة، ج2، ص126-132.