ابن العالم العامل التقي، العلامة الورع الجليل السيد الأمير علي الحسيني، البجستاني، ابن السيد محمد، بن الأمير أبي طالب، بن الأمير كلان، وهذا الجد الأعلى هو من الشخصيات المرموقة في مدينة (بجستان) من توابع محافظة خراسان.
نشأ في مسقط رأسه، ودخل الكتاب، فأتقن القراءة والكتابة، وهو ابن سبع سنين، وانتهى في سنة 1309 من دراسة أوليات الأدب من النحو والصرف، حيث هاجر به والده إلى خراسان.
ومكث في مشهد الإمام الرضا عليه السلام من سنة 1309 - 1314 هـ، مكباً على تحصيل المقدمات لدى أساتذتها، رجع سنة 1314 هـ إلى كربلاء، وانقطع إلى دراسة الفقه والأصول، وفي شوال سنة 1315 ه هاجر إلى النجف الأشرف، حاضرة العلم، فاشتغل بتكميل كتب السطوح العالية، مضافاً إلى حضور دروس المعقول عند أساتذته.
هاجر في سنة 1320 هـ إلى سامراء، فبقي هناك بطلب من كبير علمائها الشيخ ميرزا محمد تقي الشيرازي زعيم ثورة العشرين، والسيد ميرزا علي آقا نجل السيد المجدد، فأقام في سامراء مشتغلاً بالحضور لدى الشيخ الشيرازي، وكان يعد من أفاضل تلامذته المرموقين، وقام بتدريس الخارج فقهاً وأصولاً، كما درس معقول الكلام.
ولما استعر أوار الحرب العالمية الأولى سنة 1333 هـ انتدبه أستاذه الشيخ التقي ليمثله في بعض المهمات الخاصة، وأوفده إلى إيران.
وفي شهر شوال من سنة 1335 هـ خرج بصحبة الشيخ الأستاذ مهاجرين من سامراء، وأقاموا مدة في الكاظمية، والسيد يلازمه ملازمة الظل، حتى وردوا كربلاء في 18 صفر 1336 ه.
ولما دخل الشيخ التقي معمعة الجهاد المقدس، دفاعاً عن حوزة الإسلام وكرامة المسلمين، ضد الإنكليز الكفرة المحتلين، كان السيد إلى جانبه، طول المدة التي وقف فيها علماء الإسلام، حتى توفي زعيم الثورة الشيخ التقي في الثالث من ذي الحجة سنة 1338 ه.
وعندما استقرت الأوضاع، انقطع السيد إلى التدريس والتأليف، والإفتاء، وقضاء أمور المؤمنين، فكانت له الزعامة العلمية في كربلاء، وقلده جماعة من أهلها، كما قلده جمع من أهالي بغداد وخراسان وطهران، وكان يعد من كبار فقهاء الطائفة وأصولييها، مع التبحر في العلوم العقلية، والكلامية، وعلوم القرآن والحديث.
وبعد عمر مبارك قضاه بين التحصيل والتأليف والجهاد والفتوى والعمل لله، قضى نحبه في 12 ربيع الأول 1368 هـ عن عمر يناهز السبعين عاماً.
ورثاه الشعراء والخطباء، وأبَّنه العلماء:
هذه الدنيا مضى سيد * ساد الورى بالجد والجد
نواحساً أيامها أصبحت * مذ غاب نجم اليمن والسعد
إذ كان نوراً ومناراً به * للخلق يزهو منهج الرشد
والعلم أضحى جيده عاطلاً * وأنبت سمط جوهر العقد
أروع في تاريخه: (ماجد * هاد البرايا قر في الخلد).
المصدر : الأميني أعيان الشيعة ج8ص366، مجلة تراثنا ج37 ص215.