لطالما تساءل أهالي كربلاء عن أصل تسمية منطقة "الدخانية" في المدينة وأسباب ارتباط هذا الاسم بها.
يرى بعض الكربلائيين القدامى أن التسمية تعود إلى خمسينات القرن العشرين، حين قامت السلطات المحلية في كربلاء بمكافحة البعوض المسبب لمرض الكوليرا باستخدام سيارات لرش المبيدات بمادة "DDT". كانت هذه السيارات تتخذ من ساحة واسعة في العباسية الشرقية خلف حمام المشروطة، مكانًا للتوقف. وبسبب الأدخنة التي كانت تنبعث من عمليات الرش، انتشرت تسمية "الدخانية" للإشارة إلى المنطقة.
من جهة أخرى، هناك من يعزو التسمية إلى وجود دائرة التبغ في المنطقة، التي كانت تُعرف بـ"خان الدخان". وقد أطلق هذا الاسم بسبب عمل هذه الدائرة في معالجة وتخزين التبغ الذي كان يُزرع في ناحية الرجيبة التابعة لقضاء الهندية آنذاك، حيث اشتهرت هذه الناحية بإنتاج نوعية عالية الجودة من التبغ، الذي كان يشكل مصدرًا اقتصاديًا مهمًا للبلاد في تلك الفترة.
كانت دائرة التبغ تتبع وزارة المالية، وتضطلع بأدوار رئيسية مثل كبس التبغ وتجهيزه على هيئة "بالات" في خان الدخان، ثم نقله بواسطة عربات تجرّها الخيول إلى محطة قطار كربلاء ومنها إلى بغداد لتوزيعه على المصانع والوكلاء أو لتصديره إلى الخارج.
إنّ هذا التداخل بين الاستخدامات الصناعية والزراعية في المنطقة هو ما رسّخ تسمية "الدخانية" في ذاكرة المدينة.
المصدر: صاحب الشريفي، كربلائيون في ذاكرة التراث الشعبي، ص173.