ولد الدكتور عبد الرزاق عبد الغني محمد الشريفي في بغداد عام 1931م، وتخرّج من مدرسة الشواكة الابتدائية في الكرخ، ثم أكمل الدراسة الإعدادية في الثانوية المركزية عام 1951م.
وبحسب ما هو متداول بين أوساط المختصين بالتراث الكربلائي، فإنّ الدكتور عبد الرزاق أقدم طبيب في مدينة كربلاء المقدسة، دخل كلية الطب في جامعة بغداد ضمن 100 طالب قُبلوا فيها ولم يتخرّج منهم سوی 42 كان هو أحدهم وذلك عام 1957م، وكانت الهيئة التدريسية في الكلية تتكون من أطباء عراقيين وبريطانيين.
كانت كربلاء آنذاك منطقة لا يحبّذ الأطباء العمل فيها ؛ بسبب الأمراض الكثيرة المنتشرة فيها، والتي كانت تنتقل من قبل الزائرين الأجانب مع ضعف الوعي الصحي وانعدام وجود مؤسسات صحية حديثة، ومع ذلك، وافق الدكتور عبد الرزاق على الخدمة فيها، وأصبح طبيب الباطنية الوحيد في المدينة. وقتها كانت كربلاء مدينة صغيرة حدودها تصل إلى شارع الجمهورية الآن، وباب بغداد حتى مقام المهدي ومسجد المخيم.
في سنة 1959م عيّن الدكتور عبد الرزاق في المستشفى الحسيني القديم قرب بناية غرفة تجارة كربلاء الحالية على نهر الهنيدية. واستقال من العمل الحكومي عام 1965م، وافتتح في منطقته عيادة خاصة، انتقلت بعدها بين عامي 1996 و2014 إلى منطقة الزينبية، وبعد هدمها لغرض التوسعة انتقلت عيادته إلى شارع السدرة.
خدم في كربلاء لمدة 55 عاماً (إلى 2015) وقد شهدت المدينة خلال هذه الحقبة ظهور أطباء وانتقال أطباء منها وإليها، لكنّه بقي صامداً في خدمة أهالي المدينة والزائرين، وتقديم خبرته لعلاجهم بكل حب وشرف(1).
وممّا ينقله الكربلائيون القدامى عنه، أنه كان كثير التواضع مع من يقصده من المراجعين لا سيما القرويين منهم، فكان يجالسهم ويكلمهم بالطريقة التي يفهمونها دون كلل أو ملل، فيقضي وقتاً طويلاً مع المريض في سبيل تشخيص حالته بدقة، وكذلك علاجه للفقراء بالمجان، وممارسته دور الممرّض إلى جانب دوره كطبيب، فكان يتولى "زرق الأبر" و"قياس الضغط" بنفسه، وغيرها من حالات مداواة المريض، وعند ازدحام عيادته بالمراجعين كان يجلس مع بعضهم على الأرض بكلّ رأفة واهتمام، فأطلق عليه الكربلائيون لقب (طبيب البسطاء)(2).
توفي الدكتور عبد الرزاق عام 2020 جرّاء إصابته بوباء كورونا، تاركاً خلفه إرثاً حافلاً بالعطاء والإنسانية.
المصادر: