أشتهرت مدينة كربلاء المقدسة ، بالإضافة إلى مرقدي الإمام الحسين وأخيه العباس (عليهما السلام) ، بمساجدها التي كانت مراكز للإشعاع الحضاري والديني ، فقد شهدت أبنية المساجد وبعض المباني الدينية الباقية في كربلاء ، تقدماً وأزدهاراً كبيرين على الصعد العلمية والثقافية والفنية ، ومنها الفن المعماري الإسلامي وقد ساهمت فنون بعض الأمم والشعوب الإسلامية في ظهور تلك الفنون ، والتي أتسمت بطابع معماري مميز، ولعل من اليسير التعرف على تلك التأثيرات بملاحظة ومشاهدة تصاميم المساجد التي شيدت في المدينة.
قسم من أبنية هذه المساجد ما زال قائماً منذ نشأته الأولى ، وبعضها فقد أصالته التراثية كلياً بسبب التجديدات والترميمات العصرية الحديثة من الناحية المعمارية والفنية. وهناك مساجد أخرى أزيلت في العقود الأخيرة بداعي تنظيم مركز المدينة ، مع العلم أن بعضها كان يعتبر من روائع فن العمارة الإسلامية في مدينة كربلاء . إن أعتزاز المدن والحواضر الإسلامية بعمارة مساجدها القديمة وأهتمامها بصيانتها وترميمها والحفاظ عليها بأستمرار ينبع من كونها جزءاً من تراثها الثقافي وهويتها الحضاري.
ومن هذه المساجد التي شكلت لفترات طويلة من الزمن جزءاً من هوية كربلاء وفنونها المعمارية هو مسجد العطارين
وهو واحد من اقدم المساجد التي بنيت في المدينة أسسه السيد علي تقي الطباطبائى ( صاحب الرياض ) عام 1210هـ -1796م وموقعه بين الحرمين الشريفين، وعرف بعد وفاته باسم حفيده السيد علي نقي الطباطبائي وقد رمم مرات عديدة وفي عام 1962م جدد بناؤه على طراز معماري حديث بإجازة من المرجع الديني السيد مهدي الشيرازي، وبالتعاون مع العلامة الشيخ محمد الكرباسي, امتاز الجامع بمساحته الواسعة التي زادت عن خمسمائة متر، ، وكانت تقام فيه المجالس والشعائر الحسينية والمناسبات الدينية ، و كان يرتقي المنبر فيه الخطباء الكبار أمثال الشيخ هادي الكربلائي وغيره من الخطباء.
تولى إمامة المصلين في المسجد على امتداد تأريخه عدد من العلماء والشخصيات الدينية والحوزوية في المدينة وفي مقدمتهم المرجع الديني السيد ميرزا مهدي الحسيني الشيرازي،والشيخ محمد بن الشيخ أبو تراب الكرباسي، أما اخر من صلى الجماعة فيه فكان السيد كمال الحيدري، الذي اصبح وكيلاً للسيد الشهيد محمد باقر الصدر في كربلاء، هدم المسجد التاريخي بعد الانتفاضة الشعبانية عام 1991م وأزيل مصلاه بالكامل ،وبدأت إعادة تشييده من قبل العتبة الحسينية المقدسة عام 2010م .
انظر
سوق التجار الكبير شاهد لألف عام ،د.هاشم جعفر قاسم، مركز كربلاء للدراسات والبحوث،2021 ،ط1،ص224
عمارة كربلاء دراسة عمرانية وتخطيطية ،د.رؤوف الأنصاري،2006،ط1،ص167