8:10:45
كربلاء في التقارير البريطانية قبل الحرب العالمية الأولى عمران بن شاهين...من منفى البطائح إلى مشيد المعالم في النجف وكربلاء مركز كربلاء يصدر دراسة حول إدارة وسائط النقل في زيارة الأربعين استمرار الدورة الفقهية في مركز كربلاء للدراسات والبحوث تجديد بناء الصحن الحسيني الشريف بعد غزو الوهابيين كلمة || أ د فاضل المياحي عميد المعهد التقني في كربلاء خلال ندوة الظواهر السلبية الدخيلة على المجتمع بالفيديو || الندوة العلمية الإلكترونية الموسومة - الامام علي ع ولادة فكر عابر للأمم - من الأرشيف: وثائق عثمانية تؤرّخ توسعة مركز مدينة كربلاء عام 1871م. التوزيع الجغرافي والسكاني للقرى الزراعية في كربلاء غارة ضبة الأسدي على مدينة كربلاء ومقتل الشاعر المتنبي المعية في زيارة الحسين و أهل البيت (ع) وفد مركز كربلاء للدراسات والبحوث يبحث تعزيز التعاون مع مديرية النشاط الرياضي في تربية كربلاء مركز كربلاء للدراسات والبحوث يعزز التعاون العلمي مع المعهد التقني كربلاء بمذكرة شراكة مركز كربلاء يصدر دراسة عن خطط أمن الحشود في زيارة الأربعين إعلان ملف المؤتمر العلمي الدولي التاسع لزيارة الأربعين وفد مركز كربلاء للدراسات والبحوث يوقع مذكرة تعاون مع مديرية الشباب والرياضة في كربلاء مركز كربلاء للدراسات والبحوث ينظم ندوة علمية حول الظواهر السلبية الدخيلة على المجتمع دعوة مركز كربلاء يصدر دراسة علمية عن تحديات الطاقة الكهربائية في زيارة الأربعين سور كربلاء وأبوابها التاريخية
اخبار عامة / أقلام الباحثين
11:27 AM | 2025-01-23 43
جانب من تشيع الشهيد زكي غنام
تحميل الصورة

عمران بن شاهين...من منفى البطائح إلى مشيد المعالم في النجف وكربلاء

عمران بن شاهين، واحد من أبرز الشخصيات التاريخية في العراق خلال القرن الرابع الهجري، مثّل رمزا للمقاومة والتحدي ضد السلطة المركزية، وُلد عمران في قرية (الجامدة)، وكان في بداياته شخصا عاديا، إلا أن الظروف المحيطة والسياسات المضطربة دفعت به إلى طريق غير مألوف، بعد اتهامه بجرائم اعتداء على أحد الأشخاص، فرّ إلى منطقة البطائح، وهي الأهوار الواقعة بين البصرة والكوفة، حيث استفاد من طبيعة المكان المليئة بالممرات المائية والمستنقعات التي وفرت له الحماية من ملاحقة السلطة.

مع وصوله إلى البطائح، بدأ عمران حياته كصياد بسيط يعتمد على المياه المحيطة في رزقه، لكنه سرعان ما كوّن جماعات من الصيادين والفارين من السلطة، وتحول إلى قائد لهذه المنطقة، استغل طبيعة البطائح المنيعة وأسس إمارة صغيرة باتت لاحقا تشكل خطرا على المواصلات التجارية والعسكرية للدولة العباسية والبويهية، كان عمران وجماعته يهاجمون القوافل التجارية ويفرضون الإتاوات على المارة، ما جعل اسمه معروفًا في بغداد.

تأثرت حياته بشكل جذري بعد لجوئه إلى حكام البصرة البريديين، الذين كانوا في حالة عداء مع البويهيين، وجد عمران دعما قويا من أبو القاسم البريدي، الذي مكّنه من تعزيز مكانته في البطائح وتوسيع نفوذه ليصبح حاكما فعليا للمنطقة، بحلول عام 338هـ، أصبح عمران حاكما مستقلاً على البطائح، وأسَّس ما يمكن تسميته (إمارة البطائح)، التي لم تعترف بسيادة الخلافة العباسية أو البويهيين.

كان عمران بن شاهين شخصية تجمع بين القوة العسكرية والحنكة السياسية، إلا أن أبرز جوانب حياته كان ولاؤه العميق لأهل البيت (عليهم السلام)، تتجلى هذه الصلة الروحية في قصة العفو الشهيرة التي حدثت مع عضد الدولة فناخسرو، والتي أصبحت نقطة تحول مهمة في مسيرة عمران، يُروى أن عضد الدولة كان قد أرسل جيوشه لملاحقة عمران، الذي وجد نفسه في وضع لا يُحسد عليه،فرّ عمران إلى المشهد العلوي في النجف متخفيا، وهناك رأى في المنام الإمام علي (عليه السلام) يرشده إلى مكان يختبئ فيه داخل القبة العلوية.

ذكر ابن طاووس (ت693هـ) في كتابه فرحة الغري مانصه: حكي أنّ عمران بن شاهين من أمراء أهل العراق، عصى على عضد الدولة، فطلبه طلباً حثيثاً فهرب منه إلى المشهد العلوي متخفياً، فرأى أميرالمؤمنين في منامه وهو يقول له: ياعمران إنّ في غدٍ يأتي فناخسرو إلى هنا، فيخرجون من بهذا المكان، فتقف أنت هاهنا وأشار الى زاوية من زوايا القبة، فإنّهم لايرونك، فسيدخل فناخسرو ويزور ويصلّي ويبتهل بالدعاء والقسم بمحمدٍ وآله أن يُظفره بك، فادنُ منه وقل له أيها الملك: من هذا الذي قد ألححت بالقسم بمحمدٍ وآله أن يظفرك الله به؟ سيقول: رجل شقّ عصاي ونازعني ملكي وسلطاني. فقل له: ما لمن يظفرك به؟ سيقول: إن حتم علي بالعفو عنه عفوت عنه، فأعلمه بنفسك فإنّك تجد منه ماتريد، فكان كما قال له، فقال له: أنا عمران بن شاهين. قال: ما أوقفك هاهنا؟ قال له: هذا مولانا قال لي في منامي غداً يحضر فناخسرو إلى هاهنا وأعاد عليه القول. فقال له: بحقّه قال لك فناخسرو!؟، قال: إي وحقّه.

فقال عضد الدولة: ما عرف أحدٌ أنّ اسمي فناخسرو إلا أمي والقابلة وأنا، ثم خلع عليه خُلع الوزارة، وخرج من بين يديه إلى الكوفة. وكان عمران بن شاهين قد نذر أنّه متى عفا عنه عضد الدولة أتى إلى زيارة أميرالمؤمنين عليه السلام حافياً حاسراً، فلّما جنّه الليل خرج من الكوفة وحده، فرأى علي بن طحال مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام في منامه وهو يقول له: اقعد وافتح الباب لوليي عمران بن شاهين، فقعد وفتح الباب وإذا بالشيخ قد أقبل، فلما وصل قال: بسم الله يامولانا! فقال: ومن أنا؟ فقال: عمران بن شاهين، قال: لست عمران بن شاهين، فقال: بلى، إنّ أميرالمؤمنين أتاني في منامي وقال لي: اقعد وافتح الباب لوليي عمران بن شاهين. قال له: بحقه هو قال لك!، قال: إي وحقّه هو قال لي.

 فوقع على القبة يقبّلها وأحاله على ضامن السمك بستين ديناراً، وكانت له زوارق تعمل في الماء في صيد السمك، وقد بُني الرواق المعروف برواق عمران بن شاهين في المشهدين الشريفين الغروي والحائري على مشرّفهما السلام.

كانت لهذا الحدث تأثيرات كبيرة على شخصية عمران، عقب العفو، نذر عمران أن يزور الإمام علي (عليه السلام) حافي القدمين حاسر الرأس تعبيرا عن امتنانه، في إحدى الليالي، خرج وحيدا من الكوفة متجهًا إلى النجف، أثناء رحلته، رأى في المنام مرة أخرى الإمام علي (عليه السلام) يأمر أحد خدام القبة بفتح الباب لعمران، عندما وصل إلى المشهد، قوبل بالترحيب وأتم نذره، وقع على القبة الشريفة يُقبِّلها وبكى بحرقة، مؤكدا ولاءه وحبه لأهل البيت،فقام ببناء المسجد والرواق في الغري.

كما قام ببناء رواق في الحرم الحسيني الشريف وعرف الرواق باسم رواق ابن شاهين وبنى في جواره مسجداً، ويقع رواق بن شاهين في الجانب الغربي من حرم الامام الحسين(عليه السلام) ويعرف اليوم برواق السيد إبراهيم المجاب،اما المسجد فبقي حتى قدوم الدولة الصفوية الذين اسحصلوا على فتوى بأضافة المسجد للصحن الحسيني ولم يزل قسم من هذا المسجد موجوداً حتى يومنا هذا ويستعمل كمخزن لمفروشات الحضرة الحسينية ويقع خلف الايوان المعروف اليوم بأيوان الناصري( نسبة الى بانيه ناصر الدين شاه القاجاري والذي سمي فيما بعد بالايوان الحميدي بعد ان هدمه السلطان العثماني عبد الحميد الثاني وأعاد تشييده من جديد سنة 1309هـ)، وكان هذا المسجد من الاثار التاريخية العظيمة في ذلك العهد كما ذكره الرحالة والمؤرخ ابن بطوطة الطنجي في زيارته لكربلاء سنة (726هـ).  

استمر عمران في حكم البطائح حتى وفاته عام 369هـ، تاركًا إرثًا يدمج بين القوة العسكرية والارتباط العميق بأهل البيت (عليهم السلام)، مثلت حياته مثالا على كيفية استغلال الظروف لبناء قوة مستقلة، وكيف يمكن للارتباط الروحي بأهل البيت أن يشكل مصيرا مختلفا وحبل نجاة وتوبة صادقة.

 

 

 

 

راجع

محمد حسن مصطفى الكليدارآل طعمة،مدينة الحسين، مراجعة وضبط واصدار مركز كربلاء للدراسات والبحوث،2016،ط1، ج1، ص47

النقيب السيد عبد الكريم غياث الدين بن طاووس، فرحة الغري في تعيين قبر المؤمنين، المطبعة الحيدرية،النجف الاشرف،1963،ط2،ص147

 

زين العابدين العبيدي

 

 

 

Facebook Facebook Twitter Whatsapp