08:03:15AM
الخميس - 27 آذار 2025 م   |   27 رمضان 1446 هـ
مركز كربلاء يصدر كتابًا لتصنيف المقتنيات الأثرية في متحف العتبة الحسينية المقدسة حكايات من كربلاء..الحاج علي شاه وقصة ثرائه وأعماله الخيرية الندوة الالكترونية الموسومة " النبأ العظيم بين المناهج السياقية والمناهج النسقي" صدور كتاب فلسفة الصيام ودوره في التغيير الاجتماعي والفردي عن مركز كربلاء للدراسات والبحوث السلطان محمد خدابنده ورعايته للعتبات المقدسة إعمار مرقد الإمام الحسين(عليه السلام) بتمويل قاجاري – وثيقة من موسوعة كربلاء "الأوتجي".. مهنة كي الملابس في كربلاء بين التراث والتطور مركز كربلاء للدراسات والبحوث يصدر ثلاثة مجلدات توثيقية عن كربلاء للأعوام 2016، 2017، 2018 حرفة المبزرجي.. تاريخ صناعة الدبس في كربلاء التعددية الثقافية والدينية في العراق.. قراءة في أحد نفائس مركز كربلاء للدراسات والبحوث هل تعلم؟ أسرار في المذبح الحسيني تروي ملحمة الدم وذكريات الفاجعة مجلة السبط العلمية تستعد لإصدار العدد الحادي عشر في تموز 2025 مُعجَم الأساطير والحكايات الخرافيّة الجاهليّة اصدار جديد لمركز كربلاء يوثق ملحمة الطف من منظور مختلف مركز كربلاء يفتتح دورة تدريبية حول "الهيكلية العلمية للبحوث الأكاديمية" استفتاء 1918 وموقف رجال الدين ووجهاء كربلاء منه مركز كربلاء يقيم ندوة إلكترونية بذكرى استشهاد أمير المؤمنين (ع) استنزلوا الرزق بالصدقة (الآثار المالية للصدقة) ... محمد جواد الدمستاني قراءة في كتاب الطبرسي عن أسرار الطعام والشفاء وفق تعاليم النبي والأئمة الأطهار "عليهم السلام"
مشاريع المركز / اطلس كربلاء / محطات كربلائية
10:37 AM | 2025-03-25 1019
جانب من تشيع الشهيد زكي غنام
تحميل الصورة

حرفة المبزرجي.. تاريخ صناعة الدبس في كربلاء

حرفة صناعة الدبس (المبزرجي) في كربلاء من الحرف القديمة التي اشتهرت بها المدينة، حيث كانت كربلاء تمتلك العديد من البساتين المنتجة للتمور، وقد أشار الرحالة الذين زاروا المدينة خلال القرنين الثامن والتاسع عشر إلى كثرة هذه البساتين، مما جعل إنتاج التمور فيها وفيراً، تشير الإحصاءات إلى أن إنتاج التمور في كربلاء بلغ عام 1990م حوالي 149,340 طنا، لكنه بدأ في الانخفاض التدريجي حتى وصل إلى 53,730 طنا فقط عام 2006م.

تعود أسباب تدهور إنتاج التمور إلى عدة عوامل، من أبرزها تحويل العديد من الأراضي الزراعية إلى مناطق سكنية، مما أدى إلى فقدان مساحات كبيرة كانت مخصصة لزراعة النخيل، كما أن هجرة سكان الريف إلى المدينة وتركهم أراضيهم الزراعية أسهم في تراجع الإنتاج، إلى جانب استيراد التمور من الخارج دون رقابة، مما أدى إلى انخفاض الاعتماد على الإنتاج المحلي، وبسبب هذا التراجع، بدأت بعض الحرف المرتبطة بالنخيل، مثل صناعة الدبس، بالاندثار تدريجيا.

صناعة الدبس قديمة في العراق، حيث تشير الألواح السومرية إلى ذكر الدبس أو ماء التمر أكثر من مرة، مما يدل على معرفة العراقيين بهذه المادة منذ العصور القديمة، يتم استخراج الدبس من التمر من خلال عملية تتم في مكان يسمى البزارة أو المسبك، حيث يوضع التمر في قدر كبير يسمى صفرية، ويُضاف إليه الماء بنسبة معينة، ثم يتم سحق التمر وخلطه بالماء باستخدام أداة تُعرف بـالمسحاك، بعد ذلك، يُغلى المزيج حتى ينضج تماما، ثم يُنقل إلى أوانٍ مصنوعة من الخوص تسمى الجبايات، والتي توضع على مصطبة مطلية بالقير. يتم الضغط على الجبايات بجذع نخلة مربوط ببكرة وسلسلة معدنية غليظة، مما يؤدي إلى استخراج الدبس من التمر المطبوخ، فيما تبقى النوى والمواد غير القابلة للعصر.

بعد استخراج السائل، يتم تصفيته من الشوائب وإعادة غليه لإزالة الماء الزائد حتى يصل إلى قوامه المطلوب. يتم تعبئة الدبس بعد ذلك في صفائح معدة للبيع، حيث يُنقل إلى مختلف أنحاء العراق أو يُصدر إلى الخارج، تُعرف هذه الطريقة في صناعة الدبس بالنظام المفتوح، حيث تُستخدم القدور المفتوحة مع التسخين المباشر، مما يؤدي إلى إنتاج دبس داكن اللون بسبب احتراق السكريات أثناء الغليان وتحولها إلى كراميل.

في منتصف القرن التاسع عشر، كان في كربلاء 120 بزارة لإنتاج الدبس، إلا أن العدد بدأ في التراجع مع مرور الزمن حتى وصل إلى 90 بزارة في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين، ومع حلول عام 1946م، ارتفع عدد البزارات إلى 96 بزارة، لكن مع إنشاء معمل تعليب كربلاء عام 1962م، بدأت صناعة الدبس التقليدية بالتراجع، حيث وفرت الماكينات الحديثة طريقة أسرع وأكثر كفاءة لإنتاجه.

كانت صناعة الدبس التقليدية تعاني من عدة مشكلات، من بينها سوء ظروف التخزين والنقل، مما كان يؤدي إلى تلف كميات كبيرة منه، كما كانت البزارات بيئة غير صحية، حيث كانت مفتوحة ومعرضة للحشرات والغبار، مما أثر على جودة المنتج، علاوة على ذلك، فإن بعض الصفائح المعبأة كانت تنفجر بسبب تحميض الدبس أثناء التخزين، مما أثر على إمكانية تصديره.

تركزت معظم البزارات في منطقة باب بغداد، لقربها من قضاء الحسينية المعروف بكثرة بساتينه المنتجة للتمور، ومن بين البزارات التي اشتهرت في كربلاء بزارة محمد الكلش وأولاده، بزارة ابن عطس، بزارة عبد الحسين الصراف، بزارة رسول العبد آل كماز، بزارة حمود هدو، بزارة حاج محمد شعيب، بزارة محسن شعيب، بزارة مهدي شعيب، بزارة حسان شعيب، بزارة بيت حر، بزارة حاج صالح مهدي السماك، بزارة حسين الداود المطيري، بزارة عبود الجاسم، بزارة رشيد النايف، وبزارة طليفح الحمود.

مع مرور الوقت، تلاشت صناعة الدبس التقليدية في كربلاء بسبب التطورات التكنولوجية التي شهدها قطاع التصنيع الغذائي، حيث أصبح إنتاج الدبس يتم بشكل آلي داخل المصانع، كما أن الاستيراد الواسع من الدول المصنعة للدبس أسهم في تراجع الإنتاج المحلي، بالإضافة إلى المشقة الكبيرة التي تتطلبها هذه الحرفة، والمخاطر الصحية التي تواجه العاملين فيها.

ورغم اندثار صناعة الدبس التقليدية في كربلاء، إلا أنها تبقى جزءًا من التراث المحلي، ومن الممكن إحياؤها بوسائل حديثة تضمن الحفاظ على جودتها وسلامتها، مع الاستفادة من التقنيات المتطورة في التصنيع الغذائي.

 

 

المصدر

الحرف والصناعات اليدوية في كربلاء المقدسة وابعادها التنموية،تأليف وإصدار مركز كربلاء للدراسات والبحوث،2023،ط1،ص245

 

 

Facebook Facebook Twitter Whatsapp