كان الحاج علي شاه من أبناء مدينة الحسين في سفرة إلى الهند لغرض التجارة، لأنه يورد الأحجار الكريمة والمسابح الثمينة ليبيعها في كربلاء. وفي عودته من الهند إلى البصرة كان قد اختار طريق البحر سبيلاً لذلك، وصادف أن صاحبه في سفرته هذه أحد الركاب الهنود، وكان بحوزة كل منهما عبوة (بستوكة) مملوءة بـ (العنبة)، غير أن العبوة التي كانت بحوزة الهندي أصغر بكثير من العبوة التي كانت بحوزة الحاج علي شاه وصادف أن توفي الهندي أثناء الرحلة في الباخرة التي أقلتهما، وبحكم العادة رميت جثته في البحر، وتحرت إدارة الباخرة عن تركته، فعلمت أن جنسيته تشير إلى كونه من (الهندوس)، وأخبر الحاج علي شاه المسؤولين ان تركته هذه العبوة الصغيرة من العنبة، غير أنهم لم يقتنعوا بذلك، وأصروا على أخذ العبوة الكبيرة، وترك العبوة الصغيرة للحاج علي شاه، وهذا خلاف للحقيقة والواقع، لكن الحاج علي شاه رضخ لهذا الأمر، واستلم العبوة الصغيرة وظنّها خسارة في ذلك، لكنه ما أن وصل إلى البصرة وفتح العبوة في أحد الأمكنة ليأخذ منها على قدر حاجته مع وجبة الطعام، فوجىء بالعبوة وهي مملوءة بالمسكوكات الذهبية (ليرات)، فكانت ثروة طائلة بين يدي الحاج علي شاه لينفذ رغباته في خدمة الناس عامة، وزائري الإمام الحسين (عليه السلام) خاصة، لأنشاء المشاريع المهمة النافعة التي نال بها رضا الله ورضا الناس .
كان الرجل مترفاً في عيشه بعد ثرائه، حيث اتخذ له قصراً منيفاً في موقع ممتاز وسط البساتين النضرة على نهر الحسينية (الرشدية) في مقاطعة الحيدرية بكربلاء، وهو ذو طابقين، وكان فيه من آثار الذوق والريازه ما جعله مضرباً للأمثال، حيث قيل قابل عندك قصر حاج علي شاه ؟ .
وقد ذكر الواعون من الكربلائيين أن الحاج علي شاه كان ورعاً زاهداً متحلياً بالمناقب متمسكاً بالمبادىء الفاضلة، لذلك استغل امواله لعمل الخير. أما أبرز المشاريع التي قام بها هي كالآتي :
1- انشاء سقاية (سقاخانه) قرب سوق الصفارين القديم خارجة من داره وذلك في سنة1324هـ المصادف لسنة 1906م، وقد طلب من الشاعر الكربلائي السيد مرتضى الوهاب أن يؤرخ هذه السقاية فقال:
انشأ علي من مآثره
سقاية وردها من العسل
يجري بها الماء بارداً عذباً
من منهل بالرحيق متصل
باسم الحسين استهل تاريخاً
يفيض بالطف سلسبيل علي 1324هـ
وقد نقشت هذه الأبيات على القاشاني في جبهة السبيل المذكور .
2- خصصت مبالغ لختان الأطفال الفقراء، وتزويج السادة العلويين من سكنة هذه المدينة المقدسة.
3- إقامة مجالس العزاء في شهر رمضان المبارك.
4- إنشاء حمام خاص لطلبة العلم يغتسلون فيه مجاناً، يعرف بحمام حاج علي شاه الكائن في سوق الساعاتية، بعد أن كان يعرف قديماً بحمام حمزة بحر.
5- إطعام المشاة من الزائرين القاصدين كربلاء.
بعد وفاة الحاج علي شاه، واصل ابنه الحاج كاظم مسيرة والده في الأعمال الخيرية، حيث تكفيل بتكالف ختان أطفال السادة شهريا، واستمر في تنفيذ الوصايا التي أوصى بها والده، من مشاريع خيرية وأعمال إنسانية لخدمة المدينة.
المصدر
سلمان هادي آل طعمة،حكايات من كربلاء،الفردوس،بيروت،2006،ط1،ص27