محمد طهمازي
حفلت واقعة كربلاء بكم كبير من التناقضات بين شخصية الإمام الحسين عليه السلام وأنصاره وبين شخصيات جيش يزيد، الأمر الذي جعلها ذخيرة لا تنفد عناصرها الروائية والمسرحيّة الملحميّة المثالية. مسرح الطف مثل شجرة عملاقة تتفرع منها محطّات مفصلية هي أغصان حينًا وجذور في حين آخر تصاعد من وتيرة الفاعلية الدرامية لها.
ينقلنا المشهد من صلاة الحسين على قبر جدّه الرسول صلى الله عليه وآله في المدينة المنورة، كأنه إسراء جده في ليلة الإسراء والمعراج بيد أنه هذه المرة سيعرج شهيدًا، إلى صلاة الخوف مع صحبه تحت شمس العراق الحارقة على ثرى كربلاء، الذي سيصبح قبورًا لهم، تحت وقع طبول الحرب ورشق سهام الأعداء التي وإن أصابت جراح ومقاتل فيهم لكنها لم تمنعهم من إتمام صلاتهم.
تستبسل الثلّة التي يقودها الحسين عليه السلام وتصمد وترفض التخلي عن قضيتها التي تتجسّد في الحسين نفسه برغم الترهيب الذي في أقصاه والترغيب في النجاة برغم أن مصيرهم مكتوب أمامهم بالدم على أديم الطف.
باقة كبيرة من العبر والمشاهد التي تضخ حماسة عظيمة كما تضخ حزنًا عظيمًا في نفوس المتفرجين الذين طحنت نفوسهم مظلومية الحسين وآله وصحبه مثلما طحنتهم مظلومية متوارثة في مجتمعهم وبلادهم.
إن مسرحية الطف التي تسمى بتشابيه كربلاء تحمل من الرمزيات التي تجعلها تصمد أمام عجلة الزمن، لتحث الناس على رفض الظلم وعدم الاستكانة للباغي، والتكافل الاجتماعي، ووفاء الأخ لأخيه والأصحاب لإمامهم لكنها تحتاج لمن يكتب فيشيد بالإيجابيات لكي تنمو ويسلّط الضوء على السلبيات لكي تنحسر فالحسين عليه السلام مدرسة كبرى لأباة الضيم وقمّة عالية من القمم الأخلاقية في تاريخ البشرية ولا يمكن حصره في كرنفالات هنالك من يدفع بها نحو السطحية.