أحيت جموعٌ غفيرةٌ من المؤمنين ليلة الحادي عشر من شهر محرّم الحرام، ليلة الوحشة، الليلة التي تلت مآسي واقعة الطف الأليمة التي جرى فيها ما جرى على آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله. وقد توافد إلى منطقة ما بين الحرمين الشريفين وسط مدينة كربلاء القديمة مئات الألاف صغارًا وكبارًا حاملين معهم شموع مواساتهم بقلوب يمزّقها الحزن لآل الحسين عليه السلام وأصحابه وقد جن الليل عليهم وقد صاروا سبايا بعدما فقدوا أبطالهم وحماتهم، ثم ليدلفوا بدءًا إلى مرقد قطيع الكفين أبي الفضل العباس عليه السلام، ثم إلى مرقد أبي الأحرار الإمام الحسين عليه السلام ليريقوا دموعهم وشموعهم وشهقات قلوبهم وفي جعبتهم حوائجهم التي لم يبخل أئمتهم الكرام يومًا بالشفاعة عند الله لها كيف لا وهم أبواب الحوائج ومفاتيح استجابة الله. ثم يتجهون صوب المخيم الحسيني حيث تئن الشموع مع أنّات اليتامى والأرامل التي لم تنقطع لليوم.
ليلة الوحشة ليلة استحالة دموع آل البيت لشموع تتقد وتتقد كنهر ملتهب حتى يعتدل الميزان وينتقم الله بإمام مهدي ويشفي صدور قوم مؤمنين.