ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها -من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق-يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
هل أن التكليف يجوز أن يتناول البحث عن الحق في شأن الموضوعات الكبرى الثلاثة المتقدمة والإذعان به بعد تشخيصه بهذه الصيغة العامة، ولكنه لا يصح أن يتناول الاعتقاد المعين؛ لأنه ينطلق من فرض صحة ذاك الاعتقاد مسبقا، وهو غير واضح للإنسان في البداية، وقد لا يصل إليه في بحثه عن الحقيقة حتى النهاية؟
(الجواب عن ذلك): إن التكليف بالإيمان في شأن الأنباء والحقائق الكبرى الثلاثة إنما هو على وجه الإرشاد إلى الحقيقة والتنبيه على دلائلها ومؤشراتها، إسعافاً للإنسان في هذا الأمر الخطير، كما هو الحال في تعليم أهل العلم سائر المعلومات الضرورية للإنسان لعامة الناس، من الآداب اللازمة والسلوكيات الصحيحة والمعلومات الطبية العامة وغيرها، فإن ما يجب أولاً إنما هو معرفة الحقيقة، وما يُذكر في مقام التعليم إنما هو إرشاد إلى تلك الحقيقة التي يلزم معرفتها.
المصدر/ اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني، ص 117.