لم تخل المنطقة المحيطة بكهوف الطار والقريبة منها من آثار استيطان الإنسان فيها، اذ عاش انسان العراق الأول حينا من الزمن متجولا في بادية الرطبة، والأقسام الغربية الأخرى من وسط العراق وجنوبه، تحديدا في منطقتي الرزازة والأخيضر وأريدو، وتم العثور على العديد من الآلات والأدوات الحجرية، في غرب محافظة كربلاء، قرب الرزازة والأخيضر، وكذلك في صحراء الرطبة، التي تعد من مخلفات العصور الحجرية القديمة.
وفي أوائل السبعينات من القرن الماضي، عثرت البعثات التنقيبية على العديد من مستوطنات إنسان العصر الحجري القديم، مع عن أدواته الخاصة به في مناطق عدة من بلادنا، منها طار الجمل وحفنة الأبيض، الواقعتان في القسم الغربي من کربلاء، غير بعيدة عن كهوف الطار بين الرزازة والأخيضر.
مما تقدم يتبين لنا أن منطقة الطار القريبة من الرزازة والأخيضر كانت مسكونة من قبل الإنسان، ويوجد فيها مقومات الحياة البسيطة من مأكل ومشرب للإنسان البدائي، اذا استبعدنا احتمالية انجراف تلك الأدوات الحجرية من أماكن أخرى عن طريق السيول والأمطار، وسنتناول فيما يأتي اهم المكتشفات الأثرية، التي عثرت عليها البعثة اليابانية في مواسم عدة في كهوف الطار منها:
1- قبور الطار
عثرت البعثة اليابانية المكلفة بالتنقيب في كهوف الطار على عدد من القبور في أماكن مختلفة منها، احتوت القبور على عدد من الأقمشة والجلود وبعض اللقى مثل الخرز وغيرها:
2- منسوجات كهوف الطارة
پری أعضاء من البعثة اليابانية آن كهوف الطار تحظى بأهمية كبيرة من خلال تنوع الأنسجة المكتشفة في قبورها، وهذه الأنسجة المكتشفة أرخت بواسطة كاربون14، الذي أرجعها إلى ما بين القرن الثالث (ق.م) و القرن الثالث الميلادي، واستنادا إلى الطرق التقنية في صناعتها وأساليبها، امكن التوصل إلى أن السكان الذين استقروا في كهوف الطار ودفنوا موتاهم فيها لهم علاقات وصلات وطيدة مع سكان مدينة (دورا یورابوس) ومدينة تدمر، الواقعتين ضمن حدود سوريا اليوم، كما أن كلاهما كان يقع على طرق المواصلات، الرابطة بين العراق وبلاد الشام، وكذلك لها علاقات مع الكهوف المتأخرة في فلسطين، كما تشبه هذه الأنسجة نماذج أخرى من وسط آسيا، او المنطقة المحصورة بين شرق وغرب آسيا ومنطقة البحر الأسود، مما يدفعنا إلى ترجیح استعمال كهوف الطار من قبل سكان مختلفين، أتوا من المناطق المجاورة.
3- النقوش والكتابات في منطقة الطار
عثر في كهوف الطار والمنطقة المحيطة بها على العديد من العلامات والنقوش العائدة الى القبائل البدوية، التي كانت تجوب وتستقر في البوادي المحيطة بكهوف الطار، فهذه العلامات المنتشرة هناك هي نفس العلامات التي وسمت بها أفخاذ ووجوه الجمال التابعة ملكيتها إلى تلك القبائل، وهي للدلالة على عائدية تلك الحيوانات، كما أنها حفرت على صخور الحجر الرملي (Sandstone) الموجودة في الأودية، وعلى خط الجرف أو المنحدر، وعلى حيطان الكهوف القريبة من الجرف الصخري حول الهضبة (هضبة كربلاء).
كما عملت البعثة اليابانية على إجراء مسح ميداني خاص بالقبائل التي سكنت المنطقة المحيطة بالكهوف، وما هي العلامات الخاصة بها، وكان ذلك في سنة 1975م، كما أن هناك عدد من القبائل الكبيرة والمشهورة، تم التعرف على علاماتها او رموزها بصورة سهلة، إلا أن القبائل الصغيرة وجد نوع من الصعوبة في التعرف عليها.
المصدر/ موسوعة كربلاء الحضارية، المحور التاريخي، قسم التاريخ القديم، ج 1، ص 112-124.