ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها -من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق-يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
الإنسان - بحسب الدين - كائن خلق في الأصل كأفضل موجود مادي، ووهب له العقل والضمير والاختيار والمشاعر المختلفة، لتكون هذه الحياة مضارة له بحسب سنن وجوده، فتفضي به المعرفة الصائبة والسلوك الصحيح في الحياة إلى السعادة البالغة، ويفضي به الجهل والخطيئة إلى العناء والشقاء.
وبذلك يكون للإيمان بعدان مترابطان.
البعد الأول): أخلاقي، وهو الإيفاء بحق الله سبحانه في معرفته والإذعان به والتصديق بالرسالة التي بعثها إلى العباد وبمضامينها.
البعد الثاني): صلاح الإنسان، وذلك بالنظر إلى تعرض الإنسان للاختبار المعرفي والأخلاقي في هذه الحياة، وانعكاس ذلك على مدى سعادته وعنائه في هذه الحياة ما بعدها.
ومَثَلُ الله سبحانه بالنسبة إلى الإنسان بمقتضی مقتضيات خلقته له وعنايته به والاستعدادات التي وهبها إياه مثل الأب في الأسرة بالنسبة إلى أولاده، فهو تبارك وتعالى معني بهم ناظر إلى أحوالهم مقدر لأوضاعهم بمقدار تعرفهم عليه ومطاوعتهم له.
المصدر/ اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني، ص 111.