ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها -من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق-يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
إن الدين ينحو منحى المثالية في الأخلاق، بمعنى أنه يهتم بالقيم الأخلاقية فوق ما تستوجبه، وذلك لأحد وجهين.
الوجه الأول: أنه يهتم ببعض القيم الأخلاقية غير الملزمة فيجعلها ملزمة، لتكون جزءاً من القانون الإلزامي الشرعي، ويرتب استحقاق العقوبة على مخالفتها، مثل تحريم الكذب غير الضار، أو فرض بعض القيود لأجل العفاف.
الوجه الثاني: أنه يهتم ببعض القيم الأخلاقية الإلزامية إلى درجة العناية بتنفيذها بالأدوات المحددة لتنفيذ التشريعات القانونية، مثل الصد العملي عن مخالفتها، وجعل الحكم الجزائي الدنيوي عليها. بينما المفروض أن يقتصر على الإلزام التشريعي بها من غير متابعة من خالفها ما دامت لا توجب ضرراً اجتماعياً.
المصدر/ اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني، ص103.