ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها -من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق-يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
والصحيح أن للدين -كما تقدم بيانه -أثر كبيرا في تعميق الأخلاق وتفعيلها فهو ظهير قوي للأخلاق. ولكن مع ذلك فإن في هذا الطرح مبالغة في القول، ومجافاة مع الوجدان والعلم؛ فإن كل إنسان عاقل يجد من نفسه -ما لم يبتل بالمبالغة في الشك، أو يواجه أسئلة لا يهتدي إلى سبيل حلها -أنه مزود بالهدي الأخلاقي كذوق رفيع. وهذا ما تؤكده الدراسات النفسية
المبنية على دراسة السلوك الإنساني ودوافعه وغاياته. وقد علم في العلوم الباحثة حول الكائنات الحية أن ما زود به كل كائن على العموم من إمكانات وصفات يناسب الغاية التي رسمت له، فإذا كان الإنسان يجد من نفسه الشعور الأخلاقي بالوجدان فلا معنى لعده كذبة نافعة له، بل هو من جملة الهدي الداخلي الذي ألهمه بحسب تكوينه النفسي.
المصدر / اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني، ص102