ان الدين فضلاً عن الحقائق الثلاث الكبرى التي ينبئ عنها -من وجود الله سبحانه. ورسالته الى الانسان. وبقاء الإنسان بعد هذه الحياة، وهي القضايا الأهم في حياة الإنسان على الإطلاق-يتضمن بطبيعة الحال جملة من التعاليم التي ينصح بها في ضوء تلك الحقائق مع اخذ الشؤون العامة لحياة الانسان بنظر الاعتبار. وحينئذٍ يقع التساؤل عن اتجاه هذه التعاليم، ورؤيتها للجوانب الإنسانية العامة، ومقدار مؤونة مراعاتها او معونتها للإنسان.
هو الطرح القائل بأن الأخلاق مرهونة بالدين وهي نتاجه فلا أخلاق من دون الدين وأصحاب هذا الطرح على فئتين: منهم من يرى صدق الدين؛ فيجعل من هذا الانطباع حجة لحقانية الدين، من جهة وضوح عدم استغناء المجتمع الإنساني عن الأخلاق كما أن منهم من لا يقر بالرؤية الدينية، ولا يرى محذوراً في الالتزام بأن لا قيمة حقيقية للأخلاق.
ويستند هذا الطرح إلى أن من طبيعة الإنسان طلب السعادة وتجنب الشقاء، وهو إنما يسعد بما ينفعه ويشقى بما يضره، وإذا لم يكن هناك ثواب وعقاب متوقع للأفعال فلا رادع عن محاولة تحصيل السعادة وتجنب الشقاء بأي ثمن ولو كان ذلك بظلم الآخرين، وإنما القيم الأخلاقية معانٍ تخيلية، يلقن بها الإنسان وفق الغايات الاجتماعية المنظورة بها من تحصيل منافع، ودفع مضار. وقد حكي عن بعض من أنكر الدين أنه أنكر حقانية الأخلاق، واعتبرها كذبة يقنع بها الإنسان نفسه.
المصدر/ اتجاه الدين في مناحي الحياة، محمد باقر السيستاني، ص101.