إنَ أهم ما يُلزم على الإنسان في هذه الحياة بعد العلم بحقيقتها وآفاقها وغاياتها من خلال الإيمان بالله سبحانه ورسله الى خلقه والدار الآخرة هو توعيته لنفسه وتزكيته إياها، بتحليتها بالفضائل وتنقيتها من الرذائل، حتى يتمثل علمه في عمله واعتقاده في سلوكه، فيكون نوراً يستضيء به في هذه الحياة ويسير بين يديه وبإيمانه في يوم القيامة.
ارتهان سعادة الانسان وشقائه بعد الممات بأعماله في الحياة
أن سعادة الانسان وشقاءه بعد هذه الحياة مرهون – على الاجمال – بتصرفاته في هذه الحياة، فإذا كانت تصرفاته كلها من قبيل الاعمال الفاضلة سعد في تلك الحياة، وكذا إذا صدرت منه تصرفات قبيحة ولكنه تاب عنها توبة نصوحاً حتى كرهها وأقلع عنها وندم على ارتكابها. وإذا كانت تصرفاته من قبيل الاعمال القبيحة شقي فيها. وإن كانت تصرفاته مختلطة من عمل صالح وآخر سيئ ولم يتب منه لقي بعض السعادة وبعض الشقاء. وذلك كله أمر لا محيض عنه حسب تقديره سبحانه وتعالى على التفضيل الاتي.
وفي معرفة هذا المعنى ما يوجب أن يتأمل المرء كثيراً في كل خطوة قبل أن يخطوها، ويربي نفسه تربية عميقة على الاعمال الفاضلة، لأن أعماله سوف تترك ظلاً ظليلاً وخالداً على حياته الخالدة، فيكون كل فعل خير أو شر مضاعفاً عليه بما لا يحصى من خلال أثره الباقي.
المصدر: أصول تزكية النفس وتوعيتها، محمد باقر السيستاني، ج1، ص70-71.