اشتهرت مدينة كربلاء بصناعة الطراز (التطريز) على القماش الأسود، اذ وجد فيها عدد كبير من الصناع الذين امتهنوا هذا النوع من الصناعة واتقنوها لا سيما في بيوتهم، واتخذوها تجارة رابحة تباع في الاسواق لاسيما عند الباعة المتجولين، وهي صناعة قديمة ومتطورة منذ زمن الخلفاء والملوك والسلاطين حينما كان الطراز سمة أزيائهم لاسيما بزاتهم الرسمية، ثم اصبح تقليدا جاريا، كانوا يصنعون النسيج من الحرير والديباج والابريسم المحلى بسطور من الكتابة على حافة القماش مطرز عليها اسماء الله الحسنى او النبي صل الله عليه وعلى اله الطيبين الطاهرين واسماء آل بيته و سور وآيات من القرآن الكريم.
لذا يعد التطريز في كربلاء من الحرف الشعبية القديمة، والتطريز هو: فن التزيين بالغرز على القماش أو مواد شبيهة به باستخدام إبرة الخياطة والخيط، ويمكن المزاوجة بين الغرز الرسم رسوم مطرزة لا حد لها، منها الحيوانات و النباتات والبشر، وتستخدم في التطريز اقمشة مختلفة وخيوط متنوعة وإبر ذوات أنواع وأحجام مختلفة، ويشمل التطريز أيضا مواد أخرى مثل الأشرطة المعدنية واللؤلؤ والخرز والريش، وتغطي مهنة التطريز المناسبات الدينية التي تشهدها مدينة كربلاء المقدسة، ولا تزال القطع المطرزة تحظى بقيمتها و جمالها لاسيما اذا كان التطريز يدويا.
ابرز من مارس حرفة التطريز في كربلاء الحاج "محمد باقر المطرزجي"، ومحل عمله في شارع السدرة مجاور فندق بلال، واكد الحاج أن هذه الحرفة توارثها الأبناء عن الحد الذي بدأ بمزاولتها عام ۱۹۹۱م، ومن أبرز أعمالهم تطريز الرايات والأعلام وغيرها بطريقة يدوية ملفتة للنظر، مشيرا إلى أن مشاركته أتت بمبادرة من مشروع يهدف إلى دعم الحرف المهنية، وكان اهم ما عمل به هو تطريز الراية التي ترفع فوق قبة مرقد الامام الحسين ، كان يسلم کیلدار العتبة الحسينية آنذاك تلك الراية واستمر على هذا المنوال من عام 1996م إلى عام ۲۰۰۲م.
بسبب أهمية التطريز ارتأت العتبة الحسينية المقدسة، تأسيس ورشة الدوشمة والخياطة والتطريز عام ۲۰۰۸م والورشة تابعة ادارية الى قسم الصيانة، وكانت بداياتها بکادر بسيط لا يتعدى ثلاثة منتسبين وماكنات خياطة قليلة ذات عمل محدود، عمل الورشة كان يقتصر على اعمال قليلة كالخياطة وتغليف مقاعد السيارات التابعة للعتبة الحسينية ومقاعد الاستراحة وخياطة الستائر.
وذكر مسؤول الورشة "محمود شاكر" بأن العمل فيها أصبح مواكبة للتطور التكنولوجي السريع والحديث حيث تم تزويد الورشة بالماكنات الحديثة المختصة بالتطريز والتي تعمل بنظام الحاسوب، يعمل عليها منتسبون يجيدون العمل على التقنيات وعلى برمجتها حسب نوع الخط المراد الكتابة به والعمل على ماكينات التطريز بتقنية الليزر لضمان جودة العمل، لذا تم تعيين نخبة من الفنيين والمحترفين وذوي خبرة في التطريز.
آن أبرز ما تقدمه ورشة التطريز من اعمال هي السوادات التي تعلق في داخل الحرم الحسيني المطهر وخارجه في ايام عاشوراء، وبلغ عدد العاملين في هذه الورشة ۱۲ منتسبا يقسمون العمل فيما بينهم کلا حسب اختصاصه، أما المكائن المستخدمة في الورشة ما يقارب (۷) مكائن للتطريز و(5) مكائن للخياطة اليدوية و ماكنة التطريز الالي التي تعمل بنظام تقني متطور كبيرة و (۲) صغيرة، وتعد الماكنة الأولى من نوعها في كربلاء، كما أن الأقمشة المستخدمة مستوردة من الصين وذات نوعية ممتازة حيث يتم تجهيز الورشة بالأقمشة كل سنة حسب الحاجة إليها، واما الخيوط المستخدمة في التطريز فهي مستوردة من الصين واليابان ومن اشهر انواع الخيوط المستخدمة منها الحرير "کلبدون"، فضلا عن أن الورشة تعاقدت مع أمهر الخطاطين في العراق ولعله ابرزهم: الدكتور "رضوان بهیه"، والخطاط "فراس عباس البغدادي".
المصدر/ موسوعة كربلاء الحضارية، المحور الاجتماعي، ج1، ص151-156.